الرسل مما سَمَّوه أصولًا، وفروعًا، وهذا شيء دخيل. قال: ولكن لما قسموا الإسلام إلى الأمرين، فشا لهم الخلاف في مسألة خطاب الكفّار بالفروع، وأطالوا المسألة، والمقاولة في الأصول الفقهيّة، وإلا فهذا شيء لا يُعرَف في سلف الأمّة وعصر النبوّة، انتهى كلام الصنعانيّ (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي حقّقه العلّامة الصنعانيّ رحمه الله تعالى تحقيقٌ نفيس، وبحثٌ أنيس، والله تعالى أعلم.
١٢ - (ومنها): استَدَلَّ به من قال من العلماء أنه لا يشترط التَّبرِّي من كل دين يخالف دين الإسلام؛ خلافًا لمن قال: إن من كان كافرًا بشيء، وهو مؤمن بغيره لم يدخل في الإسلام إلا بترك اعتقاد ما كفر به.
والجواب أن اعتقاد الشهادتين يستلزم ترك اعتقاد التشبيه، ودعوى بُنُوّة عُزير وغيره، فَيُكْتَفَى بذلك.
١٣ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على أنه لا يكفي في الإسلام الاقتصار على شهادة أن لا إله إلا الله، حتى يُضيف إليها الشهادة لمحمد بالرسالة، وهو قول الجمهور، وقال بعضهم: يصير بالأُولى مسلمًا، ويُطالَب بالثانية، وفائدة الخلاف تظهر بالحكم بالردة.
١٤ - (ومنها): أنه استُدلّ به على أن أهل الكتاب ليسوا بعارفين، وإن كانوا يعبدون الله، ويُظهرون معرفته، لكن قال حذّاق المتكلّمين: ما عَرَفَ الله من شبّهه بخلقه، أو أضاف إليه اليد، أو أضاف إليه الولد، فمعبودهم الذي عبدوه ليس هو الله، وإن سمّوه به. قاله في "الفتح".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله هؤلاء المتكلّمون مشتمل على حقّ وباطل، أما الحقّ، فقولهم: من شبّه الله بخلقه، أو أضاف إليه الولد، وأما الباطل، فقولهم: أو أضاف إليه اليد، فإن هذا باطل بلا شكّ، فكيف يقال: من أضاف إلى الله عز وجل ما أضافه لنفسه في كتابه العزيز، في قوله تعالى:{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}[الفتح: ١٠]، وقوله:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص: ٧٥]، وأضافه إليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه الصحيحة، كما هو منصوص عليه في محلّه: إنه لا يعرف الله، إن