الموجب لغسله إنما هو خروج الخارج، فلا تجب المجاوزة إلى غير محله، قال في "الفتح": ويؤيده ما عند الإسماعيليّ في رواية: "فقال: توضأ، واغسله"، فأعاد الضمير على المذي، ونظير هذا قوله:"مَن مَسّ ذكره، فليتوضأ"، فإن النقض لا يتوقف على مَسّ جميعه.
قال: واختلف القائلون بوجوب غسل جميعه، هل هو معقول المعنى، أو للتعبد؟، فعلى الثاني تجب النية فيه، قال الطحاويّ: لم يكن الأمر بغسله لوجوب غسله كله، بل لِيَتَقَلَّص، فيبطل خروجه، كما في الضرع إذا غُسِل بالماء البارد، يتفرق لبنه إلى داخل الضرع، فينقطع بخروجه. انتهى.
(المسألة السادسة): أوجب الإمام أحمد - رحمه الله - غسل الأنثيين أيضًا؛ لرواية أبي داود بالأمر بغسلهما مع الذكر.
قال الجامع عفا الله عنه: الذي يترجّح عندي القول بغسل جميعه، ويؤيّده ما أخرجه أحمد، وأبو داود، بإسناد صحيح، بلفظ:"ليغسل ذكره، وأنثييه"، عن عليّ - رضي الله عنه - كنت رجلًا مذاءً، وكنت أستحي أن أسأل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته، فأمرت المقداد، فسأله، فقال:"يغسل ذكره، وأنثييه، ويتوضأ"، ولفظ أبي داود:"ليغسل ذكره، وأنثييه".
وأخرج أبو داود بإسناد صحيح عن حرام بن حكيم، عن عمه، عبد الله بن سعد الأنصاريّ، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء، فقال:"ذاك المذي، وكلُّ فَحْل يَمْذِي، فتغسل من ذلك فرجك، وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة".
فهذا النصّ ظاهر في كون الغسل لجميعه، بل مع أنثييه، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال: