للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن الحديث من مسند ابن عمر - رضي الله عنهما -، لا من مسند عمر - رضي الله عنه - نفسه، وسيأتي ما ذكره صاحب "الفتح" بعد حديث - إن شاء الله تعالى -.

(أَيَرْقُدُ) بضم القاف، أي أينام، يقال: رَقَدَ يَرْقُدُ رَقْدًا، من باب نصر، ورُقُودًا ورُقَادًا بالضمّ فيهما؛ إذا نام ليلًا كان أو نهارًا، وبعضهم يخصّه بنوم الليل، والأول هو الحقّ، ويشهد له المطابقة في قوله تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف: ١٨]، قال المفسّرون: إذا رأيتهم حسبتهم أيقاظًا؛ لأن أعينهم مفتَّحةٌ، وهم نيامٌ، ويقال: رَقَدَ عن الأمر: بمعنى قَعَد وتأخَّر (١). (أَحَدُنَا، وَهُوَ جُنُبٌ؟) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، وقد تقدّم أن جنب بضمّتين يستوي فيه المذكر، والمؤنّث، والمفرد، وغيره، وربّما طابق على قلّة، فيقال: أَجناب، وجنُبُون، ونساء جُنُبات، (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - جوابًا لسوله ("نَعَمْ) بفتحتين، هذه اللفظة يُعبّر عنها النحاة أنها عِدَةٌ وتصديقٌ، زاد الجوهريّ: وجواب الاستفهام، وربّما ناقض "بَلَى إذا قال: ليس لي عندك وديعةٌ، فقولك: "نَعَم" تصديق له، و"بَلَى" تكذيب، ونَعِمَ بكسر العين لغة فيه، حكاه الكسائيّ (٢). (إِذَا تَوَضَّأَ")، أي يرقد إذا كان متوضّئًا.

وقال في "الفتح": قال ابن دقيق العيد: جاء الحديث بصيغة الأمر، وجاء بصيغة الشرط، وهو مُتَمَسَّك من قال بوجوبه.

وقال ابن عبد البر: ذهب الجمهور إلى أنه للاستحباب، وذهب أهل الظاهر إلى إيجابه، وهو شذوذ.

وقال ابن العربيّ: قال مالك، والشافعيّ: لا يجوز للجنب أن ينام قبل أن يتوضأ، واستنكر بعض المتأخرين هذا النقل، وقال: لم يقل الشافعي بوجوبه، ولا يَعْرِف ذلك أصحابه، وهو كما قال، لكن كلام ابن العربيّ محمول على أنه أراد نفي الإباحة المستوية الطرفين، لا إثبات الوجوب، أو أراد بأنه واجب وجوب سنة، أي متأكد الاستحباب، ويدل عليه أنه قابله بقول ابن حبيب: هو واجب وجوب الفرائض، وهذا موجود في عبارة المالكية


(١) راجع: "القاموس" ص ٢٥٧، و"المصباح المنير" ١/ ٢٣٤.
(٢) "الصحاح" ٥/ ١٦٥٣.