حبّان) في "صحيحه"(١٢٠٨ و ١٢٠٩)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار"(١/ ١٢٩)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(١/ ٢٠٤)، و (البغويّ) في "شرح السنّة"(٢٦٩)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٧٩٨ و ٨٠٠)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٧٠٣)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان عدم وجوب الاغتسال بين الجماعين، سواء كان الجماع الثاني للأولى، أو لغيرها، وهذا لا ينافي استحباب الاغتسال بينهما؛ لما تقدّم من حديث أبي رافع - رضي الله عنه - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - طاف على نسائه، واغتسل عند كلّ واحدة، وقال:"هذا أزكى، وأطيب، وأطهر"، أخرجه أبو داود.
٢ - (ومنها): بيان ما اختصّ الله - عَزَّ وَجَلَّ - نبيّه - صلى الله عليه وسلم - من القوّة في النكاح، وذلك يدلّ على كمال البنية، وصحّة الذكوريّة.
والحكمة في كثرة أزواجه - صلى الله عليه وسلم - أن الأحكام التي ليست ظاهرة يَطَّلِعن عليها، فينقلنها، وقد جاء عن عائشة - رضي الله عنها - من ذلك الكثير الطيِّب، ومن ثَمَّ فضّلها بعضهم على بقية أمهات المؤمنين - رضي الله عنهنّ -.
٣ - (ومنها): بيان عدم وجوب الوضوء بين الجماعين أيضًا، لأنه لم يُذكَر في الحديث، والأصل عدمه.
٤ - (ومنها): جواز طواف الرجل على نسائه في الليلة الواحدة، لكن بإذن صاحبة النوبة، وهذا في غير النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأما في حقّه فالصحيح أنه يجوز له ذلك دون استئذان؛ لأنه لا يجب عليه الْقَسْمُ بين الزوجات؛ لقوله تعالى:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ}[الأحزاب: ٥١]، لكنه من كريم أخلاقه وحسن عِشرته كان يَقسم بينهنّ، فعلى هذا لا إشكال في الحديث أصلًا.
قال في "الفتح": عدم وجوب القسم عليه - صلى الله عليه وسلم - قولُ طوائف من أهل العلم، وبه جزم الإصطخريّ من الشافعية، والمشهور عندهم، وعند الأكثرين الوجوب، ويَحتاج من قال به إلى الجواب عن هذا الحديث، فقيل: كان ذلك برضا صاحبة النوبة، كما استأذنهنّ أن يُمَرَّض في بيت عائشة، ويَحْتَمِل أن يكون ذلك كان يَحصُل عند استيفاء القسمة، ثم يستأنف القسمة، وقيل: كان ذلك عند إقباله من سفر؛ لأنه كان إذا سافر أقرع بينهنّ، فيسافر بمن يخرج