للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سهمها، فإذا انصرف استأنف، وهو أخص من الاحتمال الثاني، والأول أليق بحديث عائشة، وكذا الثاني، ويَحْتَمِل أن يكون ذلك كان يقع قبل وجوب القسمة، ثم تَرَك بعدها.

وأغرب ابن العربيّ، فقال: إن الله خَصّ نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأشياء، منها أنه أعطاه ساعةً في كل يوم لا يكون لأزواجه فيها حقّ، يدخل فيها على جميعهنّ فيفعل ما يريد، ثم يستقرّ عند من لها النوبة، وكانت تلك الساعة بعد العصر، فإن اشتَغَل عنها كانت بعد المغرب، وهذا التفصيل الذي ذكره يَحتاج إلى ثبوت نقلًا، والظاهر عدمه، فلا ينبغي الالتفات إليه، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

٥ - (ومنها): بيان أن الاغتسال لا يجب على الفور، بل عند إرادة الصلاة، وقد تقدّم تمام البحث فيه.

٦ - (ومنها): استحباب الاستكثار من النساء، وقد أخرج البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "صحيحه" عن سعيد بن جبير، قال: قال لي ابن عباس - رضي الله عنهما -: هل تزوجتَ؟ قلت: لا، قال: تَزَوَّجْ، فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء. انتهى.

وفي رواية الطبراني من طريق أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "تزوَّجُوا، فإن خيرنا كان أكثرنا نساء".

قال في "الفتح: قيل: المعنى خير أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - مَن كان أكثر نساءً من غيره، ممن يتساوى معه فيما عدا ذلك من الفضائل، والذي يظهر أن مراد ابن عباس - رضي الله عنهما - بالخير النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وبالأمة أخصاء أصحابه، وكأنه أشار إلى أن ترك التزولج مرجوح؛ إذ لو كان راجحًا ما آثر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - غيره، وكان مع كونه أخشى الناس لله، وأعلمهم به، يُكثر التزويج لمصلحة تبليغ الأحكام التي لا يَطَّلِع عليها الرجال، ولإظهار المعجزة البالغة في خرق العادة؛ لكونه كان لا يَجِد ما يَشبَع به من القوت غالبًا، وإن وجد كان يؤثر بأكثره، ويصوم كثيرًا، ويواصل، ومع ذلك فكان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، ولا يطاق ذلك إلا مع قوة البدن، وقوةُ البدن تابعة لما يقوم به من استعمال المقوِّيات من مأكول ومشروب، وهي عنده نادرة، أو معدومة.

ووقع في "الشفاء": أن العرب كانت تَمْدَحُ بكثرة النكاح؛ لدلالته على الرجولية، إلى أن قال: ولم تَشْغَله كثرتهن عن عبادة ربه، بل زاده ذلك عبادةً