للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شبّهت ذلك بما يراه الرجل؛ لاشتهاره عندهم حتى لا يُستحيا من ذكره فيما بينهم بخلاف النساء، فيستحيين من ذكره.

(فَقَالَتْ عَائِشَةُ) هذا صريح في أن المنكرة على أم سُليم هي عائشة - رضي الله عنها -، وسيأتي قريبًا أن المنكرة هي أم سلمة - رضي الله عنها - وهو الراجح، كما سيأتي تحقيقه، والله تعالى أعلم.

(يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، فَضَحْتِ النِّسَاءَ)، أي كشفت عيوبهنّ، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الفَضِيحة: العيبُ، والجمع فضائح، وفَضَحتُهُ فَضْحًا، من باب نَفَعَ: كشفتُهُ، وفي الدعاء: "لا تفضحنا بين خلقك"، أي استُر عيوبنا، ولا تكشفها، ويجوز أن يكون المعنى: اعصِمْنا حتى لا نَعْصِيَ، فنستحِقّ الكشفَ. انتهى (١).

وقال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "فضحت النساء"، أي كشفت من أسرارهنّ، وما يكتُمن من الحاجة إلى الرجال، ورؤية الأحلام؛ إذ هو فيهنّ قليل، ولذلك قالت: "أوَ تجد المرأة"، لا سيّما عائشة؛ لصغر سنّها، وكونها مع بعلها، وقد يكون ذلك لما صَرَّحت به من ذلك، ولم تستحِ في الحقّ فيه. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معنى "فضَحتِ النساء": حَكَيتِ عنهنّ أمرًا يُستحيا من وصفهنّ به، ويكتمنه، وذلك أن نزول المنيّ منهنّ يدل على شدة شهوتهن للرجال. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": وهذا يدلّ على أن كتمان مثل ذلك من عادتهن؛ لأنه يدل على شدة شهوتهن للرجال، وقال ابن بطّال: فيه دليل على أن كل النساء يحتلمن، وعكسه غيره، فقال: فيه دليل على أن بعض النساء لا يحتلمن، والظاهر أن مراد ابن بطال الجواز، لا الوقوع، أي فيهنّ قابلية ذلك. انتهى (٤).

(تَرِبَتْ يَمِينُكِ) أي افتقرت، يقال: تَرِب الرجل بكسر الراء، من باب


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٧٥.
(٢) "إكمال المعلم" ٢/ ١٤٧.
(٣) "شرح النوويّ" ٣/ ٢٢١.
(٤) "الفتح" ١/ ٤٦٣.