للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم بيّن صفة منيّ الرجل والمرأة، فقال: (إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ)، أي منيّه (غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ الْمَرْأَةِ رَقِيق أَصْفَرُ)، أي إذا كان مزاجهما معتدلًا، وإلا فقد يتغيّر الوصفان، قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: ما ذكره من صفة الماءين إنما هو في غالب الأمر، واعتدال الحال، وإلا فقد تختلف أحوالهما للعوارض. انتهى (١).

(فَمِنْ أَيِّهِمَا) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هكذا هو في الأصول: "فَمِن أَيِّهما" بكسر الميم، وبعدها نون ساكنةٌ، وهي الحرف المعروف، وإنما ضبطته، لئلا يُصَحَّفَ بِمَنِيٍّ. انتهى (٢).

وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "من" فيه زائدة. انتهى (٣). (عَلَا)، أي فأيّ المنيين غلب فيما إذا وقعا في الرحم معًا (أَوْ سَبَقَ)، أي تقدّم وقوعه في الرحم قبل وقوع المنيّ الآخر، فـ "أو" هنا للتقسيم، لا للشكّ (يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ) ويحتمل أن "من" أصليّة، ويكون التقدير: فمن أي الشخصين: الرجلِ والمرأةِ علا، أي غلب المنيّ، أو سبق يكون منه الشبه.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "فمن أيهما علا إلخ"، أي فمن أجل علوّ، أو سبق أحدهما يكون الشبه، وَيَحْتَمِل أن يقال: إن "مِنْ" زائدة على قول بعض الكوفيين: إنها تُزاد في الواجب، بتقدير: "أيُّهما"، ويحتمل أن يكون "أو" شكًّا من أحد الرواة، ويحتمل أن يكون تنويعًا، أي: أيّ نوع كان منهما كان منه الشبه، كما قال الشاعر [من الطويل]:

فَقَالُوا لَنَا ثِنْتَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا … صُدُورُ رِمَاحٍ أُشْرِعَتْ أَوْ سَلَاسِلُ

أي أحد النوعين لا بُدّ منه.

وقوله: "سَبَقَ" أي بادر في الخروج، وقد جاء في غير كتاب مسلم: "سَبَقَ إلى الرحم"، وَيَحْتَمِل أن يكون بمعنى غَلَبَ، من قولهم: سابقني، فسبقته: أي غلبته، ومنه قوله تعالى: {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} [الواقعة: ٦٠]، أي مغلوبين، فيكون معناه: كَثُرَ. انتهى (٤).


(١) "المفهم" ١/ ٥٧٠.
(٢) "شرح النوويّ" ٣/ ٢٢٣.
(٣) راجع: "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ٨٠٨.
(٤) "المفهم" ١/ ٥٧٠ - ٥٧١.