للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السائلة هي أمُّ سليم، والرادّة عليها أمّ سلمة في هذا الحديث، وعائشة في الحديث المتقدم، ويحتمل أن عائشة وأم سلمة كلتاهما أنكرتا عليها، وإن كان أهل الحديث يقولون: الصحيح هنا أم سلمة، لا عائشة. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه أهل الحديث من تصحيح كون الرادّ لأم سلمة - رضي الله عنها - هو الظاهر، وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا - إن شاء الله تعالى -.

(وَاسْتَحْيَيْتُ) بضمّ التاء للمتكلّم (مِنْ ذَلِكَ)، أي من هذا الكلام الذي سألته أم سليم - رضي الله عنها -؛ لكونه مما يُستحيى منه عادةً.

[تنبيه]: جملة "واستحييت من ذلك" مقول "قالت"، ويحتمل أن يكون مقول القول جملة: "وهل يكون هذا؟ "، وجملة "واستحييت" حاليّة معترضة بين القول ومقوله، ويكون "قالت" الثاني مؤكّدًا لوقوع الفصل بالجملة المعترضة، كما في قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} إلى قوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا} الآية [البقرة: ٨٩].

(قَالَتْ) أي أم سلمة، كما هو المحفوظ (وَهَلْ يَكُونُ هَذَا؟)، أي رؤية المرأة في النوم الاحتلام، (فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (نَعَمْ)، أي ترى المرأة ذلك، ثم أوضح ثبوت ذلك لها بالدليل الواضح الذي يعترف به كلّ من سمعه، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟) الفاء فصيحيّةٌ: أي إذا لم يكن لها منيّ، فمن أين يُشبهها ولدها، و"الشبه" بفتحتين، أو بفتح، فسكون: المشابهة، أي المماثلة بين الولد والمرأة التي ولدته تكون من المنيّ.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يُروى بكسر الشين، وسكون الباء، وفتح الشين والباء، لغتان، كما يقال مِثْلٌ، ومَثَلٌ، ومعنى ذلك مفسّرٌ في عائشة، وثوبان - رضي الله عنهما -. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: أراد بحديث عائشة الحديث الآتي بعد حديث، وبحديث ثوبان الحديث الآتي في الباب التالي.

والمعنى: أنه إذا لم يكن للمرأة ماء فبأيّ شيء يُشبهها ولدها؟ يعني أن شبهه بها إنما يكون؛ لكونه مخلوقًا من مائها، والله تعالى أعلم.


(١) "إكمال المعلم" ٢/ ١٤٩ - ١٥٠.
(٢) "المفهم" ١/ ٥٧٠.