٣ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالبصريين، فكلهم بصريون غير أم سليم - رضي الله عنها - فمدنيّة، وأنسٌ - رضي الله عنه - مدنيّ، ثم بصريّ.
٤ - (ومنها): أنه مسلسل بالتحديث، وقد صرّح كلّ من سعيد بن أبي عروبة، وقتادة به، فزال عنهم تهمة التدليس.
٥ - (ومنها): أن فيه أنسًا - رضي الله عنه - من المكثرين السبعة، وأن أم سُليم هذا أول محلّ ذكرها في هذا الكتاب، وقد عرفت آنفًا عِدّة ما لها فيه من الأحاديث، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - (أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ) هي أمه، وقد تقدّم الخلاف في اسمها (حَدَّثَتْ) هكذا بحذف المفعول، وهو جائز؛ لكونه فضلةً، كما قال في "الخلاصة":
أي حدّثته، وهذا ظاهر أن أنسًا أخذه عنها، ولم يحضر القصّة. (أَنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمَرْأَةِ)، أي عن حكمها من وجوب الاغتسال وعدمه، ففي الرواية التالية:"فهل على المرأة من غُسل إذا احتَلَمت؟ "(تَرَى فِي مَنَامِهَا)، وفي نسخة:"ترى في المنام"، أي في حال نومها (مَا يَرَى الرَّجُلُ؟)، أي في منامه، ففيه الحذف للاكتفاء، وقد صُرّح به في الرواية التالية، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا رَأَتْ ذَلِكِ)، أي المنيّ، وفي رواية النسائيّ: "إذا رأت الماء" (الْمَرْأَةُ، فَلْتَغْتَسِلْ"، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ) هكذا هو في الأصول، والصواب أم سلمة، قال الحافظ أبو عليّ الغسانيّ الجيّاني - رَحِمَهُ اللهُ - في "كتابه تقييد المهمل": هكذا في أكثر النسخ عن الْجُلُوديّ والكسائيّ: "فقالت أم سُليم"، وكذلك عند ابن ماهان، إلا أنه غُيِّر في بعض النسخ:"فقالت أم سلمة"، جُعِل مكان أم سليم أم سلمة، والمحفوظ من طرُق شَتَّى:"فقالت أم سلمة". انتهى (١).
وقال القاضي عياض بعد نقل كلام الجيّاني: وهذا هو الصواب؛ لأن