للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النَّاسُ: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}؟)، وفي رواية النسائيّ: "أرأيت إذا بُدِّلت السماوات غير السماوات، والأرض غير الأرض؟ ".

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا يدلّ على أن معنى هذا التبديل إزالة هذه الأرض، والإتيان بأرض أخرى، لا كما قاله كثير من الناس: إنها تُبدَّل صفاتها، فتُسَوَّى آكامها، وتغيّر صفاتها، وتُمَدّ مَدَّ الأديم، ولو كان هذا لَمَا أشكل كون الناس فيها عند تبديلها، ولَمَا جُمِعوا على الصراط، وقد دلّ على صحّة الظاهر المتقدّم حديث عائشة - رضي الله عنها - إذ سألت عن هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال مجيبًا لها: "على الصراط"، رواه مسلم (١).

والأرض المبدّلة هي الأرض التي ذُكرت في حديث سهل بن سعد الساعديّ - رضي الله عنهما -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُحْشَر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء، عَفْراء، كقُرْصة النَّقِيّ، ليس فيها عَلَمٌ لأحد"، متّفقٌ عليه (٢). انتهى كلام القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: ما نفاه القرطبي من تبدّل صفات الأرض قد دلّ عليه بعض النصوص، فلا ينبغي نفيه، بل يُطْلَب الجمع فيه، ولا يستغرب أن يُحمل على اختلاف الأوقات، ففي بعضها تُبدّل صفاتها، وفي بعضها، وهو الموقف تُبدّل ذاتها، والعلم عند الله تعالى، وسيأتي تحقيق البحث فيه في "كتاب صفة القيامة، والجنة والنار" حيث يسوق المصنّف الأحاديث المتعلّقة بهذا - إن شاء الله تعالى -.

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هُمْ فِي الظُّلْمَة، دُونَ الْجِسْرِ") بفتح الجيم وكسرها: ما يُعْبَر عليه، والمراد به هنا الصراط، و"دون" بمعنى فوق، كما بيّنه حديث عائشة - رضي الله عنها - المتقدّم: "على الصراط" (٤).


(١) سيأتي للمصنّف في: "كتاب صفة القيامة" رقم (٢٧٩١)، ونصّه: عن عائشة قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: ٤٨]، فأين يكون الناس يومئذ، يا رسول الله؟ فقال: "على الصراط".
(٢) أخرجه البخاريّ في: "الرقاق" (٦٥٢١)، ومسلم في: "صفة القيامة" (٢٧٩٠).
(٣) "المفهم" ١/ ٥٧٣ - ٥٧٤.
(٤) انظر: "المفهم" ١/ ٥٧٤.