للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسنذكرهم في "كتاب الفضائل" حيث يذكر المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - حديث: "لي خمسة أسماء … " الحديث، - إن شاء الله تعالى -.

(فَقَالَ الْيَهُودِيُّ) بالياء، وهي الياء الفارقة بين اسم الجنس وواحده، كروم وروميّ، ومجوس ومجوسيّ، وقد تقدّم أن اليهود اسم للقبيلة المنسوبة إلى يهودا بن يعقوب - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وهو غير منصرف للعلميّة ووزن الفعل (جِئْتُ أَسْأَلُكَ)، أي عن شيء مما يتبيّن به صدق نبوّتك، وجملة "أسألك" في محلّ نصب على الحال المقدّرة، أي حال كوني مقدّرًا وقاصدًا سؤالك، وهو كقوله تعالى: {فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: ٧٣] (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟ ")، أي هل أنت قاصد بسؤالك الانتفاع بما أحدّثك به، وليس قصدك التحدّي والمعاكسة. (قَالَ) اليهوديّ: (أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ) بصيغة التثنية، ووقع في نسخة بالإفراد، والمراد به المثنّى؛ لأن المفرد المضاف يعمّ، وليس المراد أنه يسمع بأذنيه، ولا يعقل، ويتأثّر، بل مراده أنه يسمع، ثم ينظر فيما سمعه، هل هو محلّ للاتّباع أم لا؟ يدلّ على ذلك قوله في الأخير: "صدقت، وإنك لنبيّ" (فَنَكَتَ) بفتح النون والكاف، وبالمثنّاة من فوقُ، من باب نصر، ومعناه يضرب بالعود في الأرض، ويؤثّر به، وهذا يفعله من يُفكّر في أمر ما (١).

وقال القرطبيّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: ونَكْتُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الأرض بعود معه: هو ضربُهُ فيها، وهذا العُود هو المسمّى بالمِخْصرة، وهو الذي جرت عوائد رؤساء العرب وكبرائهم باستعمالها، بحيث تَصِلُ إلى خَصْره، ويَشْغَل بها يديه من العبث، وإنما يَفعَل ذلك النَّكْتَ المتفكّر. انتهى (٢).

(رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعُودٍ) متعلّق بـ "نكت"، والْعُود بالضمّ: أي الخشب، جمعه عِيدان بالكسر، وأعواد بالفتح، وقوله: (مَعَهُ) متعلّق بصفة لـ "عُود"، (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("سَلْ") بفتح السين، أمر من سال يسأل، من باب خاف يخاف، ويقال في المثنى سَلا، وفي الجمع: سلوا، على غير قياس؛ إذ القياس أن يقال: سالا، كخافا، وسالوا، كخافوا، وَيَحْتَمل أن يكون سَلْ مخفّفَ اسأل بهمزة الوصل، أمرًا من سأل يسأل، كقرأ يقرأ، (فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَيْنَ يَكُونُ


(١) راجع: "شرح النوويّ" ٣/ ٢٢٦.
(٢) "المفهم" ١/ ٥٧٣.