أي الذي حُمِد مرة بعد مرة، أو الذي تكاملت فيه الخصال المحمودة.
قال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحمد قبل أن يكون محمدًا، كما وقع في الوجود؛ لأن تسميته أحمد وقعت في الكتب السالفة، وتسميته محمدًا وقعت في القرآن العظيم، وذلك أنه حَمِدَ ربه قبل أن يَحمَده الناس، وكذلك في الآخرة يَحمد ربه، فيُشَفِّعه، فيحمده الناس، وقد خُصّ بسورة الحمد، وبلواء الحمد، وبالمقام المحمود، وشُرع له الحمد بعد الأكل، وبعد الشرب، وبعد الدعاء، وبعد القدوم من السفر، وسُمِّيت أمته الحمادين، فجُمعت له - صلى الله عليه وسلم - معاني الحمد، وأنواعه.
وقال عياضٌ أيضًا: حَمَى الله هذا الاسم أن يُسَمَّى به أحد قبله، وإنما تَسَمَّى بعض العرب محمدًا قرب ميلاده لَمّا سَمِعوا من الكهان والأحبار أن نبيًّا سيبعث في ذلك الزمان يسمى محمدًا، فرَجَوْا أن يكونوا هم، فسَمَّوا أبناءهم بذلك، قال: وهم ستة لا سابع لهم، وتعقّبه الحافظ بما يأتي.
وقال السهيليُّ في "الرَّوْض الأُنُف": لا يُعْرَف في العرب مَن تسمى محمدًا قبل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلا ثلاثة: محمد بن سفيان بن مُجاشع، ومحمد بن أُحيحة بن الْجُلاح، ومحمد بن حُمران بن ربيعة، وسَبَقَ السهيليّ إلى هذا القول أبو عبد الله بن خالويه في "كتاب ليس".
وتعقَّب كلّ هذا الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -، فقال: هو حصرٌ مردودٌ، وقد جمعتُ أسماء من تَسَمَّى بذلك في جزء مفرد، فبلغوا نحو العشرين، لكن مع تكرر في بعضهم، ووَهَمٍ في بعض، فيتلخّص منهم خمسة عشر نفسًا، ثم ذكرهم (١)،
(١) راجع: "الفتح" ٦/ ٦٤١ - ٦٤٣ "كتاب المناقب" رقم الحديث (٣٥٣٢).