للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لحم ذلك الثور. (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مِنْ عَيْنٍ)، أي من ماء عين، فهو على حذف مضاف فلا وجه لاعتراض بعضهم بأن الجواب لم يُطابق السؤال، إذ السؤال عن الشراب، والجواب عن مكان الشراب، فعلى ما قلناه، يذهب الإشكال، ويضمحلّ، والله تعالى أعلم.

والجارّ والمجرور متعلّقٌ بمحذوف دلّ عليه السؤال، أي يشربون من عين، وقوله: (فِيهَا) متعلّق بصفة لـ "عين وقوله: (تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا") ببناء الفعل للمفعول صفة لـ "عين" بعد صفة، أو حال منها؛ لوصفها بالجارّ والمجرور، أي سَلِسَة السبيل، سَهْلةَ الْمَشْرَع.

قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قال جماعة من أهل اللغة والمفسّرين: السلسبيل اسم للعين، وقال مجاهد وغيره: هي شديدة الْجَرْي، وقيل: هي السَّلِسَةُ اللَّيِّنة. انتهى (١).

وقال في "اللسان" السلسبيل: الليّن الذي لا خشونة فيه، وربما وُصف به الماء، وقال أيضًا: ويقال: شراب سَلْسلٌ، وسلسالٌ، وسلسبيلٌ، وقال الزجّاج: سلسبيلٌ اسم العين، وهو في اللغة في غاية السلاسة، فكأن العين سُمّيت لصفتها، وقال غيره: السلسبيل: اسم عين في الجنّة، ويقال: عين سَلْسَلٌ، وسلْسَالٌ، وسلسبيلٌ معناه: عذبٌ سهل الدخول في الحلق، قيل: جمع السلسبيل سلاسبُ، وسلاسيبُ، وجمع السلسبيلة سلسبيلات، وقال عبد الله بن رواحة [من الخفيف]:

إِنَّهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ فِي جِنَانٍ … يَشْرَبُونَ الرَّحِيقَ والسَّلْسَبِيلَا

الرحيق: الخمر، والسلسبيل: السهل المدخلِ في الحلق. انتهى بتصرّف (٢).

(قَالَ) اليهوديّ (صَدَقْتَ، قَالَ) اليهوديّ (وَجِئْتُ أَسألكَ عَنْ شَيْءٍ، لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْض، إِلا نَبِيٌّ، أَوْ رَجُلٌ، أَوْ رَجُلَانِ) كناية عن قلّة من يعرفه، بحيث لا يعرفه، إلا من أوحى الله إليه بعلمه، أو من أخبره ذلك النبيّ، وهم قليلون، (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("يَنْفَعُكَ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟ ") بتقدير همزة الاستفهام، (قَالَ)


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ٢٢٧.
(٢) راجع: "لسان العرب" ١١/ ٣٤٤.