للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اليهوديّ (أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ، قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الْوَلَدِ؟)، وفي حديث أنس - رضي الله عنه - عند البخاريّ في قصّة عبد الله بن سلام: "ومن أيِّ شيء يَنْزع الولد إلى أبيه، ومن أيِّ شيء يَنْزع إلى أخواله؟ "، وفي رواية: وما بالُ الولد يَنْزع إلى أبيه، أو إلى أمه؟ ".

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا)، أي في الرحم (فَعَلَا)، أي غلب (مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَة، أَذْكَرَا)، أي وُلد لهما ولدٌ ذكرٌ، وقال ابن الأثير - رَحِمَهُ اللهُ -: "أذكرا"، أي وَلَدا ذَكَرًا، وفي رواية: "أذكرت"، أي ولدت ذكرًا، يقال: أذكرت المرأة، فهي مُذْكِرٌ: إذا ولدت ذَكَرًا، فإذا صار ذلك عادتها قيل: مِذْكَارٌ. انتهى (١). (بِإِذْنِ الله، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُل، آنثَا)، أي وُلد لهما ولدٌ أُنثى، وقال المجد - رَحِمَهُ اللهُ -: آنثت المرأة إيناثًا: وَلَدَت أُنثى، فهي مؤنثٌ، ومُعتادتها مِئْنَاثٌ. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معنى الأول: كان الولد ذكرًا، ومعنى الثاني: كان الولد أُنثى، وقوله: آنثا بالمدّ في أوله، وتخفيف النون، وقد رُوي بالقصر، وتشديد النون. انتهى (٣).

(بِإِذْنِ اللهِ") - سبحانه وتعالى -. (قَالَ الْيَهُودِيُّ: لَقَدْ صَدَقْتَ)، أي في كلّ ما أخبرت به؛ لأنه موافق لما كان أخذه من التوراة، (وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ). قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا يدلّ على أن مجرّد التصديق من غير التزام الشريعة، والدخول فيها لا ينفع؛ إذ لم يُحكَم له بالإسلام. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله القرطبيّ صحيح، لكن استدلاله بهذا الحديث غير صحيح، بل الذي يظهر أن هذا السائل عبد الله بن سلام؛ لتشابه القصتين، وأن قوله في هذه الرواية: "وإنك لنبيّ كقوله: في حديث أنس: "أشهد أنك رسول الله"؛ إذ لا فرق بين مفهوميهما، فتأمّل بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ انْصَرَفَ) اليهوديّ عن مجلس النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو مواصلة الأسئلة، وعلى


(١) "النهاية" ٢/ ١٦٣.
(٢) "القاموس المحيط" ص ١٥١.
(٣) "شرح النوويّ" ٣/ ٢٢٧ - ٢٢٨.