كونه عبد الله بن سلام، فيكون المراد بالانصراف انصرافه عن غرائب المسائل، فإنه ثبت في حديث أنس زيادة:"ثم قال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بُهْتٌ إن عَلِمُوا بإسلامي قبل أن تسألهم بَهَتوني عندك، فجاءت اليهود، ودخل عبد الله البيت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ رجل فيكم عبد الله بن سلام؟، قالوا: أعلمنا، وابنُ أعلمنا، وأخيرنا وابن أخيرنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفرأيتم إن أسلم عبد الله؟ قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج عبد الله إليهم، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، فقالوا: شَرُّنا، وابن شَرِّنا، ووَقَعُوا فيه".
(فَذَهَبَ) إلى مكان حاجته، وقال بعضهم: قد يكون العطف في قوله: "فذهب" عطف تفسير لرفع توهّم أنه انصرف عن قبول الحقّ مع بقائه في المجلس، وقد يكون عطف مغاير، بأن يراد من الانصراف تولية ظهره، ومن الذهاب البعد عن المجلس بحيث لا يسمع، وهذا هو الظاهر. انتهى (١).
(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ سَأَلَنِي هَذَا)، أي اليهوديّ (عَنِ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْهُ)، أي من هذه المسائل المتقدّمة، (وَمَا) نافية (لِي عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ) أي من الذي سأله عنه (حَتَّى أتانِيَ اللهُ بِهِ")، أي أوحى الله إليّ بعلمه، وحديث أنس في قصّة عبد الله بن سلام:"فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خَبَّرني بهنّ آنفًا جبريل، قال: فقال عبد الله: ذاك عدو اليهود من الملائكة"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ثوبان - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الحيض"[٧/ ٧٢٢ و ٧٢٣](٣١٥)، و (النسائيّ) في "عشرة النساء"(١٨٨)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(١٤١٤)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٧٤٢٢)، و (الحاكم) في "المستدرك" (٣/ ٤٨١ -