للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الملقّن - رَحِمَهُ اللهُ -: قولها: "إذا اغتسل" يَحْتَمل أن يكون من باب قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: ٩٨]، أي إذا أراد الاغتسال، ويَحْتَمِل أن يكون اغتسل بمعنى شَرَعَ فيه، فإنه يقال: فَعَلَ كذا: إذا فرغ منها، وفعل: إذا شرع فيه، فإذا حملنا "اغتسل" على معنى شرع صحّ؛ لأنه يُمكن أن يكون الشروع وقت الابتداء بغسل اليدين، وهذا بخلاف الآية، فإنه لا يمكن أن يكون وقتُ الشروع في القراءة وقتَ الاستعاذة، فلهذا تعيّن حمله على الإرادة فقط. انتهى (١).

(مِنَ الْجَنَابَةِ)، أي بسبب حدوث الجنابة له، فـ "من" سببيّة مجازًا عن ابتداء الغاية، من حيث إن السبب مصدر المسبّب، ومنشأ له، فتكون الجنابة هنا بمعنى الأمر الحكميّ الذي يتسبّب عن التقاء الختانين، أو الإنزال (٢).

(يَبْدَأُ، فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ) هذا الغسل يَحْتَمِل أن يكون للتنظيف مما بهما من مستقذر، ويَحْتَمِل أن يكون هو الغسل المشروع عند القيام من النوم، قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: ويدلّ عليه زيادة ابن عيينة في هذا الحديث عن هشام: "قبل أن يُدخلهما الإناء"، رواه الشافعيّ، والترمذيّ.

(ثُمَّ يُفْرغُ) بضم أوله، من الإفراغ، بمعنى الصبّ، يقال: أفرغت الشيءَ: إذا صببته، إذا كان يسيل، أو من جوهر ذائب، قاله الفيّوميّ (٣). (بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ)، أي يصبّ بيده اليمنى على يده اليسرى (فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ) هكذا في رواية أبي معاوية عن هشام ذكر غسل الفرج، وليست هذه الزيادة في رواية مالك، قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهي زيادة جليلة؛ لأن بتقديم غسله يَحصُل الأمن من مس فرجه في أثناء الغسل.

(ثمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ) احترز به عن الوضوء اللغويّ، وَيحْتَمِل أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل سنةً مستقلةً، بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقية الجسد في الغسل. وَيحْتَمل أن يُكتَفَى بغسلها في الوضوء عن إعادته، وعلى هذا فيحتاج إلى نية غسل الجنابة في أول عضو، وإنما قُدِّم غسل


(١) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٢/ ٢٢.
(٢) المصدر السابق.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٧٠.