أعضاء الوضوء تشريفًا لها، ولتحصل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى، وإلى هذا جَنَح الداوديّ، شارح "المختصر" من الشافعية، فقال: يُقَدِّم غسل أعضاء وضوئه على ترتيب الوضوء، لكن بنية غسل الجنابة.
قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله الداوديّ هو الظاهر، والله تعالى أعلم.
ونقل ابنُ بطال الإجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل، وهو مردود، فقد ذهب جماعة منهم أبو ثور، وداود، وغيرهما إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث، قاله في "الفتح"(١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: سيأتي تحقيق هذا الخلاف في المسألة الخامسة - إن شاء الله تعالى -.
(ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ)، وفي رواية البخاريّ:"ثم يُدخل أصابعه في الماء"(فَيُدْخِلُ) بضم حرف المضارعة، من الإدخال (أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ)، ولفظ البخاريّ:"ثم يُدخل أصابعه في الماء، فيُخلّل بها أصول شعره"، وفي رواية الترمذيّ من طريق ابن عيينة، عن هشام:"ثم يُشَرِّبُ شعره الماء".
والمراد بأصول الشعر شعر الرأس، بدليل رواية النسائيّ من طريق يحيى القطّان، عن هشام:"ويخلّل رأسه حتى يَصِلَ إلى شعره"، ويدل عليه رواية حماد بن سلمة، عن هشام عند البيهقيّ:"يُخَلِّل بها شِقَّ رأسه الأيمن، فَيَتَّبعُ بها أصول الشعر، ثم يفعل بشِقّ رأسه الأيسر كذلك".
وقال القاضي عياض: احتَجَّ به بعضهم على تخليل شعر الجسد في الغسل، إما لعموم قوله:"أصول الشعر"، وإما بالقياس على شعر الرأس.
قال الجامع عفا الله عنه: القول بعموم أصول الشعر فيه نظر لا يَخفى؛ لأن الرواية الأخرى تردّه، حيث بيّنت أنه شعر الرأس، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
وفائدة التخليل إيصال الماء إلى الشعر والبشرة، ومباشرة الشعر باليد؛ ليحصل تعميمه بالماء، وتأنيس البشرة؛ لئلا يصيبها بالصبّ ما تتأذى به.