للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قيل: إنما فعل ذلك - أي إدخال الأصابع في أصول الشعر - ليسهل دخول الماء إلى أصول الشعر، وقيل: ليستأنس بذلك حتى لا يَجِد بعده من صبّ الماء الكثير نفرة. انتهى (١).

وقال ابن الملقّن - رَحِمَهُ اللهُ -: للتخليل ثلاث فوائد:

[الأولى]: تسهيل إيصال الماء إلى الشعر والبشرة.

[ثانيها]: مباشرة الشعر باليد؛ ليحصل تعميمه.

[ثالثها]: تأنيس البشرة؛ خشيةَ أن يُصيب صبّه دَفْعَةً آفة في رأسه. انتهى (٢).

ثم هذا التخليل غير واجب اتفاقًا إلا إن كان الشعر مُلَبَّدًا بشيء، يحول بين الماء وبين الوصول إلى أصوله، قاله في "الفتح" (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: دعوى الاتّفاق غير صحيحة، إلا إذا أراد الاتّفاق في مذهبه خاصّةً، وإلا فقد قال العينيّ: إن مذهب الحنفيّة وجوبه في غسل الجنابة، وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا - إن شاء الله تعالى -.

ثم إن هذا التخليل يكون بأصابع اليدين العشر؛ لظاهر قولها: "أصابعه"، وفي رواية: "ثم يُخلّل بيديه شعره".

وقال ابن دقيق العيد - رَحِمَهُ اللهُ -: التخليل هنا إدخال الأصابع فيما بين أجزاء الشعر، قال: ورأيت في كلام بعضهم إشارة إلى أن التخليل هل يكون بنقل الماء، أو بإدخال الأصابع مبلولةً بغير نقل الماء؟، وأشار إلى ترجيح نقل الماء؛ لما وقع في بعض الروايات الصحيحة في مسلم: "ثم يأخذ الماء، فيُدخل أصابعه في أصول الشعر"، فقال هذا القائل: نقل الماء لتخليل الشعر هو ردٌّ على من يقول: يُخلِّل بأصابعه مبلولة بغير نقل الماء، قال: وذكر النسائيّ في "السنن" ما يُبيّن هذا، فقال: "باب تخليل الجنب رأسه"، وأدخل حديث عائشة هذا فيه، قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُشرِّب رأسه، ثم يَحثي عليه


(١) "المفهم" ١/ ٥٧٦.
(٢) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٢/ ٢٨.
(٣) "الفتح" ١/ ٤٣٠.