للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثلاثًا قال: فهذا بَيِّنٌ في التخليل بالماء. انتهى كلامه (١)، وهو تحقيقٌ حسنٌ، والله تعالى أعلم.

(حَتَّى إِذَا رَأَى)، أي علم، فـ "رأى" هنا علميّة، لا بصريّة، وفي رواية البخاريّ: "حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته" (أَنْ قَدِ اسْتَبْرَأ) "أن" بفتح الهمزة، مخفّفة من الثقيلة، واسمها محذوف، أي أنه، وخبرها الجملة الفعليّة بعدها، وقد فُصِلت بـ "قد"، كما قال في "الخلاصة":

وَإِنْ تُخَفَّفْ "أَنَّ" فَاسْمُهَا اسْتَكَنْ … وَالْخَبَرَ اجْعَلْ جُمْلَةً مِنْ بَعْدِ "أَنْ"

وَإِنْ يَكُنْ فِعْلًا وَلَمْ يَكُنْ دُعَا … وَلَمْ يَكُنْ تَصْرِيفُهُ مُمْتَنِعَا

فَالأَحْسَنُ الْفَصْلُ بِـ "قَدْ" أَوْ نَفْيٍ أَوْ … تَنْفِيسٍ أَوْ "لَوْ" وَقَلِيلٌ ذِكْرُ "لَوْ"

ووقع في بعض النسخ: "أَنَّهُ قَدِ اسْتَبْرَأ يقال: استبرأت الشيءَ: إذا طلبتَ آخره؛ لقطع الشبهة، قاله الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٢)، فالمعنى هنا: أنه بالغ في إيصال البلل إلى جميع أصول شعره، حتى تأكّد لديه أنه أرواه بالماء، وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معنى "استبرأ": أي استقصى، وبالغ، من قولهم: استبرأ الخبر. انتهى (٣).

(حَفَنَ)، أي أخذ الماء بيديه جميعًا، ثم صبّه (عَلَى رَأْسِهِ) قال المجد - رَحِمَهُ اللهُ -: "الْحَفْنُ": أخذك الشيءَ براحتيك، والأصابع مضمومة، أو الْجَرْفُ بكلتا اليدين. انتهى (٤).

وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: حَفَنْتُ له حَفْنًا، من باب ضَرَبَ، وحَفْنَةً، وهي مِلْءُ الكفّين، والجمع حَفَنَات، مثلُ سَجْدة وسَجَدَات. انتهى (٥).

وقوله: (ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ) منصوب على أنه مفعول مطلق لـ "حَفَنَ".

قال في "الفتح": وفيه استحباب التثليث في الغسل، قال النوويّ: ولا نعلم فيه خلافًا إلا ما انفرد به الماورديّ، فإنه قال: لا يُستحبّ التكرار في الغسل، قال الحافظ: وكذا قال الشيخ أبو عليّ السنجيّ في "شرح الفروع"،


(١) "إحكام الأحكام" ١/ ٣٧٥.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٤٧.
(٣) "المفهم" ١/ ٥٧٦.
(٤) "القاموس المحيط" ص ١٠٧٣.
(٥) "المصباح المنير" ١/ ١٤٢.