للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكذا قال القرطبيّ، وحَمَل التثليث في هذه الرواية على رواية القاسم، عن عائشة الآتية قريبًا - يعني قولها: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة، دعا بشيء نحو الْحِلاب، فأخذ بكفه، بدأ بشق رأسه الأيمن، ثم الأيسر، ثم أخذ بكفيه، فقال بهما على رأسه" - فإن مقتضاها أن كل غَرْفة كانت في جهة من جهات الرأس. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: الأرجح القول باستحباب التثليث، ويُحمل حديث القاسم عن عائشة - رضي الله عنها - على بعض الأحيان، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ أَفَاضَ) أي أسال الماء، وإفاضة الماء على الشيء: إفراغه عليه، يقال: فاض الماء: إذا جرى، وفاض الدمع: إذا سال، قاله ابن دقيق العيد (١)، وقال الصنعانيّ: في "القاموس": أفاض الماء على نفسه: أفرغه، والإفراغ الصبّ، وفيه دليل على أنه يُكتَفى بذلك، ولا يشترط الدلك. انتهى (٢). (عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ)، أي بقيّة جسمه، فـ "السائر" بمعنى الباقي، على ما عليه الجمهور، كما قال الشنفري [من الطويل]:

إِذَا احْتَمَلُوا رَأْسِي وَفِي الرَّأْسِ أَكْثَرِي … وَغُودِرَ عِنْدَ الْمُلْتَقَى ثُمَّ سَائِرِي

أي بقيّتي، "والجسد" بفتحتين: الجسم، قال في "القاموس": "الْجَسَدُ" محرَّكةً: جسم الإنسان، والجنّ، والملائكة، والزعفرانُ، كالْجِسَاد، ككِتَاب. انتهى (٣).

[تنبيه]: قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: سَئِرَ الشيءُ سُؤْرًا بالهمزة، من باب شَرِبَ: بَقِيَ، فهو سائرٌ، قاله الأزهريّ، واتَّفَقَ أهل اللغة (٤) أن سائرَ الشيءِ باقيه قليلًا كان أو كثيرًا، قال الصغانيّ: سائر الناس باقيهم، وليس معناه جميعهم، كما زَعَمَ من قَصُرَ في اللغة باعه، وجَعْلُهُ بمعنى الجميع من لَحْن العوامّ، ولا يجوز أن يكون مشتقًّا من سُورِ البلد؛ لاختلاف المادّتين. انتهى (٥).


(١) "إحكام الأحكام" ١/ ٣٧٧.
(٢) "العدّة حاشية العمدة" ١/ ٣٧٧.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٢٤٧.
(٤) أي: معظمهم؛ لأنه سيأتي أن بعضهم خالف فيه.
(٥) "المصباح المنير" ١/ ٢٩٩.