قال الشارح المرتضى - رَحِمَهُ اللهُ -: في قوله: "أو يُستعمل له" إشارة إلى أن في السائر قولين: [الأول]: وهو قول الجمهور من أئمة اللغة، وأرباب الاشتقاق أنه بمعنى الباقي، ولا نزاع فيه بينهم، واشتقاقه من السؤر، وهو البقيّة.
[والثاني]: أنه بمعنى الجميع، وقد أثبته جماعة، وصوّبوه، وإليه ذهب الجوهريّ، والجواليقيّ، وحقّقه ابن برّيّ في "حواشي الدرّة"، وأنشد عليه شواهد كثيرة، وأدلّةً ظاهرةً، وانتصر لهم الشيخ النوويّ في مواضع من مصنّفاته، وسبقهم إمام العربيّة أبو عليّ الفارسيّ، ونقله بعضٌ عن تلميذه ابن جنّي، واختلفوا في الاشتقاق، فقيل: من السير، وهو مذهب الجوهريّ، والفارسيّ، ومن وافقهما، أو من السُّور المحيط بالبلد، كما قاله آخرون. انتهى كلام المرتضى - رَحِمَهُ اللهُ - (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن إطلاق "سائر" بمعنى الجميع، صحيح، وإن كان الغالب إطلاقه بمعنى الباقي، وذلك لوروده في أشعار العرب، وغيرها، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، فدعوى بعضهم كما سبق آنفًا أنه من لحن العوامّ، فيه نظر لا يخفى، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
(ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ) هكذا رواية أبي معاوية عن هشام بن عروة بزيادة غسل الرجلين بعد الاغتسال، قال في "الفتح": وهذه الزيادة تفرَّد بها أبو معاوية، دون أصحاب هشام، قال البيهقيّ: هي غريبة صحيحة، قال الحافظ: لكن في رواية أبي معاوية عن هشام مقالٌ، نعم له شاهدٌ من رواية أبي سلمة، عن عائشة، أخرجه أبو داود الطيالسيّ، فذكر حديث الغسل، وزاد في آخره:"فإذا فَرَغَ غَسَلَ رجليه"، فإما أن تُحْمَل الروايات عن عائشة على أن المراد بقولها:"وضوءه للصلاة"، أي أكثرَه، وهو ما سوى الرجلين، أو يُحْمَل على ظاهره، ويستَدَلُّ برواية أبي معاوية على جواز تفريق الوضوء، ويَحْتَمِل أن يكون قوله في