لا ينبغي أن يُلتفت إليه، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
٩ - (ومنها): بيان أن أفعال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كلّها حجةٌ كأقواله، إلا ما كان خصوصيّةً له، وهي لا تثبت إلا بدليل خاصّ، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
١٠ - (ومنها): أن النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - لخّص في "شرحه" كيفيّة غسل الجنابة، فأجاد، وأفاد، فقال - رَحِمَهُ اللهُ -: قال أصحابنا: كمال غسل الجنابة أن يبدأ المغتسل، فيغسل كفيه ثلاثًا قبل إدخالهما في الإناء، ثم يغسل ما على فرجه، وسائر بدنه من الأذى، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة بكماله، ثم يُدخل أصابعه كلها في الماء، فيغرف غرفة يُخَلِّل بها أصول شعره من رأسه ولحيته، ثم يَحْثِي على رأسه ثلاث حثيات، ويتعاهد معاطف بدنه، كالإبطين، وداخل الأذنين، والسُّرَّة، وما بين الأليتين، وأصابع الرجلين، وعُكَن البطن، وغير ذلك، فيوصل الماء إلى جميع ذلك، ثم يُفِيض على رأسه ثلاث حثيات، ثم يُفيض الماء على سائر جسده ثلاث مرات، يَدلُك في كل مرّة ما تصل إليه يداه من بدنه، وإن كان يغتسل في نهر أو بِرْكةٍ انغمس فيها ثلاث مرّات، ويوصل الماء إلى جميع بشرته، والشعورِ الكثيفة والخفيفة، وَيعُمّ بالغسل ظاهر الشعر وباطنه، وأصول منابته.
والمستحب أن يبدأ بميامنه، وأعالي بدنه، وأن يكون مستقبل القبلة.
قال الجامع عفا الله عنه: يدلّ على استحباب استقبال القبلة في حالة الوضوء، ما أخرجه الطبرانيّ بإسناد حسن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لكل شيء سيِّدًا، وإن سيد المجالس قُبَالةُ القبلة"(١)، والله تعالى أعلم.
قال: وأن يقول بعد الفراغ: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وينوي الغسل من أول شروعه فيما ذكرناه، ويَستصحب النية إلى أن يفرغ من غسله، فهذا كمال الغسل.
(١) صححه الشيخ الألبانيّ في: "السلسلة الصحيحة" ٦/ ٣٠٠.