للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والواجب من هذا كله النية في أول ملاقاة أول جزء من البدن للماء، وتعميم البدن شعره وبشره بالماء، ومن شرطه أن يكون البدن طاهرًا من النجاسة، وما زاد على هذا مما ذكرناه سنة.

وينبغي من اغتسل من إناء كالإبريق ونحوه، أن يتفطن لدقيقة قد يَغفُل عنها، وهي أنه إذا استنجى، وطَهَّر محل الاستنجاء بالماء، فينبغي أن يغسل محل الاستنجاء بعد ذلك بنية غسل الجنابة؛ لأنه إذا لم يغسله الآن رُبَّما غفل عنه بعد ذلك، فلا يصحّ غسله لترك ذلك، وإن ذكره احتاج إلى مسّ فرجه، فينتقض وضوؤه، أو يحتاج إلى كُلْفة في لَفّ خِرْقة على يده، والله أعلم.

قال الجامع عفا الله عنه: غسل محلّ الاستنجاء مرّة ثانيةً محلّ نظر، بل الذي يظهر لي أنه حينما يسنتجي أوّلًا ينوي به إزالة الجنابة أيضًا، فلا يحتاج لغسله مرّةً ثانيةً، فليُتأمّل، والله تعالى أعلم.

قال: هذا مذهبنا، ومذهب كثيرين من الأئمة، ولم يوجب أحد من العلماء الدلك في الغسل، ولا في الوضوء إلا مالك، والمزنيّ، ومن سواهما يقول: هو سنة، لو تركه صحت طهارته في الوضوء والغسل، ولم يوجب أيضًا الوضوء في غسل الجنابة إلا داود الظاهريّ، ومن سواه يقولون: هو سنة، فلو أفاض الماء على جميع بدنه من غير وضوء، صَحّ غسله، واستباح به الصلاة وغيرها، ولكن الأفضل أن يتوضأ كما ذكرنا، وتحصل الفضيلة بالوضوء قبل الغسل أو بعده.

قال الجامع عفا الله عنه: حصول الفضيلة بالوضوء بعد الغسل فيه نظرٌ لا يخفى؛ لأنه خلاف السنّة، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

قال: وإذا توضأ أوّلًا لا يأتي به ثانيًا، فقد اتَّفَقَ العلماء على أنه لا يُستحب وضوءان، فهذا مختصر ما يتعلق بصفة الغسل، وأحاديث الباب تدل على معظم ما ذكرناه، وما بقي فله دلائل مشهورة، والله تعالى أعلم.

(واعلم): أنه جاء في روايات عائشة - رضي الله عنها -، في صحيح البخاري ومسلم: أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ وضوءه للصلاة قبل إفاضة الماء عليه، فظاهر هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - أكمل الوضوء بغسل الرجلين، وقد جاء في أكثر روايات ميمونة - رضي الله عنها -: توضأ، ثم أفاض الماء عليه، ثم تنحى فغسل رجليه، وفي رواية من حديثها، رواها