للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البخاريّ: توضأ وضوءه للصلاة غير قدميه، ثم أفاض الماء عليه، ثم نَحَّى قدميه، فغسلهما، وهذا تصريح بتأخير القدمين.

وللشافعي رحمه اللهُ قولان، أصحهما وأشهرهما، والمختار منهما أنه يُكَمّل وضوءه بغسل القدمين، والثاني أنه يؤخر غسل القدمين، فعلى القول الضعيف، يتأول روايات عائشة، وأكثر روايات ميمونة على أن المراد بوضوء الصلاة أكثره، وهو ما سوى الرجلين، كما بيّنته ميمونة في رواية البخاريّ، فهذه الرواية صريحة، وتلك الرواية محتملة للتأويل، فيُجْمَع بينهما بما ذكرناه.

وأما على المشهور الصحيح، فيُعْمَل بظاهر الروايات المشهورة المستفيضة عن عائشة وميمونة - رضي الله عنهما - جميعًا في تقديم وضوء الصلاة، فإن ظاهره كمال الوضوء، فهذا كان الغالب والعادة المعروفة له - صلى الله عليه وسلم -، وكان يعيد غسل القدمين بعد الفراغ؛ لإزالة الطين، لا لأجل الجنابة، فتكون الرجل مغسولة مرتين، وهذا هو الأكمل الأفضل، فكان - صلى الله عليه وسلم - يواظب عليه، وأما رواية البخاريّ، عن ميمونة - رضي الله عنها -، فجرى ذلك مرةً، أو نحوها؛ بيانًا للجواز، وهذا كما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا، ومرةً مرةً، فكان الثلاث في معظم الأوقات؛ لكونه الأفضل، والمرة في نادر من الأوقات؛ لبيان الجواز، ونظائر هذا كثيرةٌ.

وأما نية هذا الوضوء، فينوى به رفع الحدث الأصغر إلا أن يكون جنبًا، غير محدث، فإنه ينوي به سنة الغسل. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١)، وهو تحقيق جيّد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٧٢٥] ( … ) - (وَحَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ (ح)، وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ (ح)، وَحَدَّثنَا أَبُو كُرَيْبٍ،


(١) "شرح مسلم" ٣/ ٢٢٨ - ٢٣٠.