للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أشار القرطبيّ بقوله: "وقول من قال إلخ" إلى الردّ على ابن الصلاح في قوله: إن ذكر بعض دعائم الإسلام دون بعض في حديث معاذ - رضي الله عنه - هذا من تقصير الراوي انتهى (١)، وقد أجاد القرطبيّ في الردّ عليه، والله تعالى أعلم.

وقد أجاد البحث في هذا في "الفتح" حيث قال: ما نصّه:

لم يقع في هذا الحديث ذكر الصوم والحج، مع أن بعث معاذ كما تقدم كان في آخر الأمر، وأجاب ابن الصلاح بأن ذلك تقصير من بعض الرواة، وتُعُقّب بأنه يفضي إلى ارتفاع الوثوق بكثير من الأحاديث النبوية؛ لاحتمال الزيادة والنقصان، وأجاب الكرمانيّ بأن اهتمام الشارع بالصلاة والزكاة أكثر، ولهذا كُرِّرَا في القرآن، فمن ثَمَّ لم يُذْكَر الصوم والحج في هذا الحديث، مع أنهما من أركان الإسلام، والسر في ذلك أن الصلاة والزكاة إذا وَجَبَا على المكلف لا يسقطان عنه أصلًا، بخلاف الصوم، فإنه قد يسقط بالفدية، والحج فإن الغير قد يقوم مقامه فيه، كما في المعضوب، ويحتمل أنه حينئذٍ لم يكن شُرعَ، انتهى.

قال الجامع: أما قوله: "ويحتمل أنه لم يكن شُرع" فيه نظر لا يخفى؛ لأنه فرض قبله على الراجح كما سبق، فتبصّر. والله تعالى أعلم.

وقال البُلْقينيّ رحمه الله تعالى: إذا كان الكلام في بيان الأركان، لم يُخِلّ الشارع منه بشيء، كحديث ابن عمر - رضي الله عنه -: "بُنِيَ الإسلام على خمس"، إذا كان الدعاء إلى الإسلام، اكتَفَى بالأركان الثلاثة: الشهادة، والصلاة، والزكاة، ولو كان بعد وجود فرض الصوم والحج، كقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ} [التوبة: ١١] في موضعين من براءة، مع أن نزوله ما بعد فُرِضَ الصوم والحج قطعًا، وحديث ابنِ عمر أيضًا: "أُمِرت أن أقاتل الناس حشى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة"، وغير ذلك من الأحاديث، قال: والحكمة في ذلك أن الأركان الخمسة منها اعتقاديّ، وهو الشهادة، وبدنيّ، وهو الصلاة، وماليّ، وهو الزكاة، فاقتصر في الدعاء إلى


(١) راجع: "الصيانة" ص ١٦٣.