ولا جائز أن يكون لإزالة العين؛ لأنه لا تحصل الطهارة مع بقاء العين اتّفاقًا، وإذا كانت اليد نجسةً ببقاء العين فيها، فعند انفصالها ينجس المحلّ بها، وكذلك لا يكون للطعم؛ لأن بقاء الطعم دليل على بقاء العين، ولا يكون لإزالة اللون، لأن الجنابة بالإنزال، أو بالمجامعة لا تقتضي لولًا يلصق باليد، وإن اتّفق فنادرٌ جدًّا، فبقي أن يكون لإزالة الرائحة، ولا يجوز أن يكون لإزالة رائحة تجب إزالتها؛ لأن اليد قد انفصلت عن المحلّ على أنه قد طهُر، ولو بقي ما تتعيّن إزالته من الرائحة لم يكن المحلّ طاهرًا، لأنه عند الانفصال تكون اليد نجسةً، وقد لابست المحلّ مبتلًّا، فيلزم من ذلك أن يكون بعض الرائحة معفوًّا عنه، ويكون الضرب على الأرض لطلب الأكمل فيما لا تجب إزالته.
وَيَحْتَمِل أن يقال: فصلُ اليد عن المحلّ بناء على ظنّ طهارته بزوال رائحته، والضرب على الأرض لإزالة احتمال في بقاء الرائحة مع الاكتفاء بالظنّ في زوالها.
والذي يقوّي الاحتمال الأول ما ورد في الحديث الصحيح من كونه - صلى الله عليه وسلم - دَلَكَها دَلْكًا شديدًا، والدلك الشديد لا يناسبه هذا الاحتمال الضعيف. انتهى كلامه - رَحِمَهُ اللهُ - (١).
قال الجامع عفا الله عنه: كلام ابن دقيق العيد: كلّه مبنيّ على القول بنجاسة المنيّ، ورطوبة الفرج، وقد تقدّم ترجيح القول بطهارتهما، فلا تكن من الغافلين، والله تعالى أعلم.
(ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ) أي مثل وضوئه لها، وهكذا رواية المصنّف مجملة، وقد وقعت مفصّلة عند البخاريّ وغيره، حيث قالت:"ثم مضمض، واستنشق، وغسل وجهه، ويديه … " الحديث، وقد تقدم البحث في تشبيه هذا الوضوء بوضوء الصلاة مستوفى في حديث عائشة - رضي الله عنها - الماضي (ثُمَّ أفرَغَ)، أي صبّ (عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ) بفتحات، جمع حَفْنة بفتح، فسكون، وهي