للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذكر جماعة من أصحابنا (١) وجهًا لبعض أصحابنا أن الصاع هنا ثمانية أرطال، والمدّ رطلان.

قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة القول في المسألة أن الماء الذي يتوضّأ به، أو يُغتسل به، لا حدّ له يُلتزم، ما لم يبلغ في الزيادة حدّ الإسراف، فيُمنَعَ، أو في النقص حدًّا لا يُسمّى غسلًا، بل مسحًا، وذلك بأن لا يتقاطر أصلًا، فيكون باطلًا، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: جعل الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام رحمه الله للمتوضئ والمغتسل ثلاث حالات:

(أحدها): أن يكون معتدل الخلق، كاعتدال خَلْقه - صلى الله عليه وسلم -، فيقتدي به في اجتناب النقص عن المدّ والصاع.

(الثاني): أن يكون ضَئِيلًا، نَحِيف الخَلْق، بحيث لا يُعادل جسدُه جسدَهُ - صلى الله عليه وسلم -، فيُستحبّ له أن يستعمل من الماء ما تكون نسبته إلى جسده، كنسبة المدّ والصاع إلى جسده - صلى الله عليه وسلم -.

(الثالث): أن يكون متفاحش الْخَلْق طولًا وعرضًا، وعِظَمَ البطن، وثَخَانة الأعضاء، فيُستحبّ له أن لا ينقص عن مقدار، تكون النسبة إلى بدنه كنسبة المدّ والصاع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى، وهو تحقيقٌ جيّد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): قال في "الفتح": الصاع: تقدَّم أنه خمسة أرطال وثلث، برطل بغداد، وهو على ما قاله الرافعيّ وغيره مائةٌ وثلاثون درهمًا، ورَجَّحَ النوويّ أنه مائة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم، وقد بَيَّنَ الشيخ الموفَّق سبب الخلاف في ذلك، فقال: إنه كان في الأصل مائة وثمانية وعشرين وأربعة أسباع، ثم زادوا فيه مثقالًا لإرادة جبر الكسر، فصار مائة وثلاثين، قال: والعمل على الأول؛ لأنه هو الذي كان موجودًا وقت تقدير العلماء به. انتهى (٢).


(١) يعني الشافعيّة.
(٢) "الفتح" ١/ ٤٣٤.