للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما حديث ميمونة، فأخرجه مسلم (١)، لكن أعله قوم؛ لترددٍ وَقَع في رواية عمرو بن دينار، حيث قال: علمي، والذي يَخطُر على بالي أن أبا الشعثاء أخبرني، فذكر الحديث، وقد ورد من طريق أخرى بلا تردُّد، لكن راويها غير ضابط، وقد خولف، والمحفوظ ما أخرجه الشيخان، بلفظ: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد".

وفي المنع أيضًا ما أخرجه أبو داود، والنسائيّ، من طريق حُميد بن عبد الرحمن الْحِمْيَريّ، قال: لقيت رجلًا صَحِبَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أربع سنين، فقال: "نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل المرأة بفضل الرجل، أو يغتسل الرجل بفضل المرأة، وليغترفا جميعًا"، رجاله ثقات.

قال الحافظ رحمه الله: ولم أقف لمن أعلّه على حجة قويّة، ودعوى البيهقيّ أنه في معنى المرسل مردودةٌ؛ لأن إبهام الصحابيّ لا يضرّ، وقد صَرّح التابعي بأنه لقيه، ودعوى ابن حزم أن داود راويه عن حُميد بن عبد الرحمن، هو ابن يزيد الأوديّ، وهو ضعيفٌ مردودةٌ، فإنه ابن عبد الله الأوديّ، وهو ثقةٌ، وقد صرَّح باسم أبيه أبو داود وغيره.

ومن أحاديث الجواز ما أخرجه أصحاب السنن، والدارقطنيّ، وصححه الترمذيّ، وابن خزيمة، وغيرهما، من حديث ابن عباس، عن ميمونة، قالت: أجنبت، فاغتسلت من جَفْنة، ففَضَلت فيها فضلة، فجاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - غتسل منه، فقلت له، فقال رحمه الله: "الماء ليس عليه جنابة، واغتسل منه"، لفظ الدارقطنيّ، وقد أعلّه قوم بسماك بن حرب، راويه عن عكرمة؛ لأنه كان يَقْبَل التلقين، لكن قد رواه عنه شعبة، وهو لا يَحْمِل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم.

وقول أحمد: إن الأحاديث من الطريقين مضطربة، إنما يصار إليه عند تعذر الجمع، وهو ممكن بأن تُحْمَل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء، والجواز على ما بقي من الماء، وبذلك جمع الخطابيّ، أو يُحْمَل


(١) هو الحديث الآتي في الباب بعد ستّة أحاديث، بلفظ: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بفضل ميمونة".