للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من كتابه، كما قاله أحمد، وابن معين، وغيرهما، لكن الجواب عن المصنّف أنه إنما أورده متابعةً، لا استقلالًا، فإنه قد ساق حديث عائشة - رضي الله عنها - في هذا الباب بأسانيد متعدّدة، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ) بن عوف: أنه (قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي الله عنها - ("كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اغْتَسَلَ)، أي أراد الاغتسال، قيل: هذا الأسلوب يدلّ على العادة والغالب والشأن الكثير (١). (بَدَأَ بِيَمِينِهِ)، أي بغسل يده اليُمنَى، واليمين مؤنّثة، وجمعها أَيْمُنٌ، وأَيمانٌ (فَصَبَّ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ) "من" تبعيضيّة، ويحتمل أن تكون ابتدائيّة (فَغَسَلَهَا)، أي يده اليمين (ثُمَّ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى الأذَي)، أي على موضع الأذى، والأذى أعمّ من النجاسة، كالبول ونحوه، وغيرها، كالمنيّ، وما أصابه من رطوبة الفرج، وقد تقدّم طهارتهما على الأصحّ (الَّذِي بِهِ)، أي بجسده الشريف - صلى الله عليه وسلم - (بِيَمِينِهِ) متعلّق بـ "صبّ " (وَغَسَلَ عَنْهُ) كان الظاهر "وغسله"، لكنه ضُمّنَ "غَسَلَ " معنى "أزال"، وحذف مفعوله: أي أزال عنه الأذى (بِشِمَالِهِ) بكسر الشين: خلاف اليمين، وهي أيضًا مؤنّثةٌ، وجمعها أَشْمُل، مثلُ ذِراعٍ وأَذْرُع، وشَمَائلُ (٢)، أي غسل الأذى بيده اليسرى (حَتَّى إِذَا فَرَغَ) غاية للغسل (مِنْ ذَلِكَ)، أي من غسل الأذى (صَبَّ عَلَى رَأسِهِ)، قَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي الله عنها - (كُنْتُ أَغْتَسِلُ أنَا وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ)، وقد تقدّم أنه يسمّى الْفَرَق، وهو ثلاثة آصُع (وَنَحْنُ جُنُبَانِ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، قال النوويّ رحمه الله: هذا جارٍ على إحدى اللغتين في الْجُنُب أنه يُثنَّى ويُجمَعُ، فيقال: جُنُبٌ، وجُنُبان، وجُنُبُون، وأَجْنَابٌ، واللغة الأخرى: رجلٌ جُنُبٌ، ورجلان جُنُبٌ، ورجالٌ جُنُبٌ، ونساءٌ جُنُبٌ بلفظ واحد، قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦]، وقال: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} الآية [النساء: ٤٣]، وهذه اللغة أفصح وأشهر.


(١) راجع: "فتح المنعم" ٢/ ٣١١ - ٣١٢.
(٢) "المصباح" ١/ ٣٢٣.