للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦ - (حَفْصَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) الصدّيق، زوجة المنذر بن الزبير، ثقةٌ [٣].

رَوَت عن أبيها، وعمتها عائشة، وأم سلمة، وعنها عِرَاك بن مالك، وعبد الرحمن بن سابط، ويوسف بن ماهك، وعون بن عباس.

قال العجليّ: تابعية ثقةٌ، وذكرها ابن حبان في "الثقات".

أخرج لها المصنّف، وأبو داود، والترمذيّ، وابن ماجه، ولها في هذا الكتاب هذا الحديث فقط.

وقولها: (فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ، يَسَعُ ثَلَاَثةَ أَمْدَادٍ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ) قد ذكر القاضي عياض رحمه الله في تفسير هذه الجملة وجهين:

[أحدهما]: أن كل واحد منهما ينفرد في اغتساله بثلاثة أمداد.

[والثاني]: أن يكون المراد بالمدّ هنا الصاع، ويكون موافقًا لحديث الْفَرَق، ويكون ذلك مفسّرًا له، إن لم تكن لفظة "أمداد" هنا وَهَمًا، على ما ذهب إليه بعضهم، وعلى الوجه الأول لا تأويل، ولا إشكال فيه (١).

قال النوويّ رحمه الله: ويجوز أن يكون هذا وقع في بعض الأحوال، واغتسلا من إناء يسع ثلاثة أمداد، وزاداه لَمّا فرغ. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قولها: "يسع ثلاثة أمداد" تعني مفترقِينَ، أو سَمَّت الصاعَ مُدًّا، كما قالت في الْفَرَق الذي كان يسع ثلاثة آصُع، وكأنها قصدت بذلك التقريب، ولذلك قالت فيه: "أو قريبًا من ذلك"، وإنما احتجنا إلى هذا التأويل؛ لأنه لا يتأتّى أن يغتسل اثنان من ثلاثة أمداد؛ لقلّتها، والله تعالى أعلم.

وهذا يدلّ على استحباب التقليل مع الإسباغ، وهو مذهب كافّة أهل العلم والسنّة؛ خلافًا للإباضيّة والخوارج، واتّفق العلماء على جواز اغتسال الرجل وحليلته، ووضوئهما معًا من إناء واحد، إلا شيئًا رُوي في كراهية ذلك عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وحديثُ ابن عمر، وعائشة، وغيرهما يردّه.

وإنما الاختلاف في وضوئه، أو غسله من فضلها، فجمهور السلف،


(١) "إكمال المعلم" ٢/ ١٦٤.
(٢) "شرح النوويّ" ٤/ ٦.