وأئمة الفتوى على جوازه، ورُوي عن ابن المسيّب، والحسن كراهة فضل وضوئها، وكَرِهَ أحمد فضل وضوئها وغسلها، وشَرَطَ ابنُ عمر إذا كانت حائضًا أو جُنُبًا.
وذهب الأوزاعيّ إلى جواز تطهّر كلّ واحد منهما بفضل صاحبه ما لم يكن أحدهما جنبًا، أو المرأة خاصّةً حائضًا.
وسبب هذا الاختلاف اختلافُهُم في تصحيح أحاديث النهي الواردة في ذلك، ومن صخحها اختلفوا أيضًا في الأرجح منها، ومما يعارضها، كحديث ميمونة أنه - صلى الله عليه وسلم -: "كان يغتسل بفضلها"، رواه مسلم، وكحديث ابن عبّاس الذي أخرجه الترمذيّ، وصحّحه، قال فيه: اغتسل بعض أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في جَفْنة، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوضّأ منه، فقالت: إني كنت جنبًا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الماء لا يُجْنِبُ".
ولا شكّ في أن هذه الأحاديث أصحّ وأشهر عند المحدّثين، فيكون العمل بها أولى، وأيضًا فقد اتّفقوا على جواز غسلهما معًا، مع أن كلَّ واحد منهما يغتسل بما يُفضِله صاحبه عن غَرْفِهِ. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم البحث في هذه المسألة قريبًا، وأن الأرجح هو الجمع بين الأحاديث بحمل النهي على التنزيه، فهذا أقرب للعمل بها كلّها، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال: