وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "يخطُر على بالي" بضمّ الطاء، وكسرها، لغتان، والكسر أشهر، ومعناه: يَمُرّ، ويَجري، و"البال": القلبُ والذهنُ، قال الأزهريّ: يقال: خَطَرَ ببالي، وعلى بالي كذا يَخْطُر خُطُورًا: إذا وقع ذلك في بالك وهَمّك، وقال غيره: الخاطر الهاجس، وجمعه خواطر.
(أَنَّ أَبَا الشَّعْثَاءِ) جابر بن زيد (أَخْبَرَنِي، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنها - (أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ) - رضي الله عنها -، أي بما فضل من الماء الذي استعملته في غسل الجنابة، كما أوضحته الرواية الأخرى، ففي رواية ابن ماجه، من طريق، سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة، زوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - توضأ بفضل غسلها من الجنابة"، وزاد أحمد في روايته: قال عبد الرزاق: وذلك أني سألته عن إخلاء الْجُنُبين جميعًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ميمونة - رضي الله عنها - هذا بهذا السياق من أفراد المصنّف رحمه الله.
قال الجامع عفا الله عنه:[إن قلت]: كيف أخرج المصنّف رحمه الله هذا الحديث بهذا الإسناد مع أن عمرو بن دينار لم يجزم برواية أبي الشعثاء له؟.
[قلت]: أجيب عنه بأنه إنما ذكره متابعةً، لا أنه قَصدَ الاعتماد عليه، قاله النوويّ رحمه الله (١).
وقال القرطبيّ رحمه الله: ذهب بعضهم إلى أن هذا مما يُسقط التمسّك بالحديث؛ لأنه شكّ في الإسناد، والصحيح فيما يظهر لي أنه ليس بمُسقط له من وجهين:
[أحدهما]: أن هذا غالب ظنٍّ، لا شكٌّ، وأخبار الآحاد إنما تفيد غلبة الظنّ، غير أن الظنّ على مراتب في القوّة والضعف، وذلك موجب للترجيح بهذا الحديث، وإن عارضه ما جزم الراوي فيه بالرواية كان المجزوم به أولى.