للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أوالوجه الثاني،: أن حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قد رواه الترمذيّ من طريق آخر، وصححه كما قدّمناه، ومعناه معنى حديث عمرو، وليس فيه شيء من ذلك التردّد، فصحّ ما ذكرناه. انتهى كلام القرطبيّ ببعض تصرّف (١).

قال الجامع عفا الله عنه: حاصل ما أشار إليه القرطبيّ أنه يرى صحة الحديث بهذا السند لأمرين:

[أحدهما]: أن هذا الشكّ لا يؤثّر؛ إذ قال عمرو: "أكبر علمي"، وفي رواية للدارقطنيّ: قال: "مبلغ علمي، والذي يسكن على بالي"، وهذا يدلّ على أن غالب ظنّه إخباره له.

[الثاني]: أنه يشهد له، ما أخرجه أصحاب السنن، من طريق عكرمة، عن ابن عباس، قال: اغتَسَل بعض أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في جَفْنَة، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتوضأ منه، فقالت: يا رسول الله، إني كنت جنبًا، فقال: "إن الماء لا يُجْنِب"، قال الترمذيّ: حديث حسن صحيح.

وقد أعلّه قوم بسماك بن حرب راويه عن عكرمة؛ لأنه يَقبَل التلقين، وتُعُقّب بأنه قد رواه عنه شعبة، وهو لا يَحمِل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم، قاله في "الفتح" (٢).

وخلاصة القول أن الحديث، وإن كان فيه مقال من جهة هذا السند؛ لما تقدّم، لكنه صحيح بما يشهد له، بل صححه الدارقطنيّ رحمه الله بنفس السند، فقال - بعد إخراجه من طريق رَوْح بن عُبادة، عن ابن جريج، بنحو سياق المصنّف -: إسناد صحيح (٣)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا في "الحيض" [٩/ ٧٤٠] (٣٢٣)، و (أحمد) في "مسنده" (٦/ ٣٦٦)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (١/ ١٨٨)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (١/ ٥٧)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٧٢٦، ٧٢٧)، و (الدارقطنيّ)


(١) "المفهم" ١/ ٥٨٤.
(٢) "الفتح" ١/ ١٦.
(٣) راجع: "سنن الدارقطنيّ" ١/ ١٤٦.