للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والطّسُّوجُ: حَبَتان، والْحَبّة: سدس ثُمُن درهم، وهو جزءٌ من ثمانية وأربعين جزءًا من درهم، جمعه مَكَاكيكُ، ومَكَاكيُّ. انتهى (١).

وقال القرطبيّ بعد ذكر ما تقدّم: وهو مكيال لأهل العراق، يسع صاعًا، ونصف صاع بالمدنيّ. انتهى (٢).

(وَيتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ") أي بماء في إناء يُسمّى بمكّوك، والصحيح - قاله القرطبيّ رحمه الله - أن المراد بالمكُّوك هنا هو المدّ، بدليل الرواية التالية: "كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمدّ، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد" (٣).

[تنبيه]: اختلاف هذه المقادير، والأواني يدلّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يراعي مقدارًا مؤقّتًا، ولا إناءً مخصوصًا، لا في الوضوء، ولا في الغسل، بل كان يفعل بحسب الحاجة.

ونقل النوويّ عن الإمام الشافعيّ وغيره من العلماء رحمهم الله تعالى، أنهم قالوا: الجمع بين هذه الروايات أنها كانت اغتسالات في أحوال، وُجِد فيها أكثر ما استعمله النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأقلّه، فدلّ على أنه لا حدّ في قدر ماء الطهارة يجب استيفاؤه. انتهى (٤)، والله تعالى أعلم.

(وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى) هو محمد بن المثنّى شيخه الثاني (بِخَمْسِ مَكَاكِيَّ) يعني أن محمد بن المثنّى قال في روايته: "بخمس مكاكيّ" بالياء المشدّدة بدل قول عبيد الله، شيخه الأول: "بخمس مكاكيك" بالكافين، وقد سبق آنفًا أنهما لغتان (وَقَالَ ابْنُ مُعَاذٍ)، أيْ عُبيد الله شيخه الأول (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الله، وَلَمْ يَذْكرِ ابْنَ جَبْرٍ)، أي لم يذكر جدّه، بل اكتفى بذكر أبيه.

وهذا من شدّة احتياط المصنّف وورعه، حيث يراعي اختلاف ألفاظ شيوخه، وإن كان لا يختلف به المعنى، إلا أن أداء ما سمعه كما سمعه أمر له مكانته الرفيعة، ولذا حثّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على الحفظ والأداء كما سمع، ودعا لمن فَعَل ذلك بالنَّضْرة، فقد أخرج أحمد، والترمذيّ، وابن ماجه عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نَضَّرَ الله امرأً، سَمِعَ منّا شيئًا،


(١) "القاموس المحيط" ص ٨٥٨.
(٢) "المفهم" ١/ ٥٨١.
(٣) راجع: "المفهم" ١/ ٥٨١.
(٤) "شرح النوويّ" ٤/ ٦.