للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن فيه التحديث، والإخبار، والعنعنة من صيغ الأداء.

٥ - (ومنها): أن فيه رواية صحابيّ، عن صحابيّ: سليمان، عن جبير - رضي الله عنه -، وهو من رواية الأقران (١)، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ) بضمّ المهملة، وفتح الراء، وهو من أفاضل الصحابة - رضي الله عنه - (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ) بضمّ أوله، وكسر ثالثه، بصيغة اسم الفاعل، وهو من مشاهير الصحابة - رضي الله عنه - (٢)، أنه (قَالَ: تَمَارَوْا) أي اختلفوا، وتنازعوا، والتماري، والمماراة: المجادلة على مذهب الشكّ والرِّيبة، ويقال للمناظرة: مماراة؛ لأن كلّ واحد منهما يستخرِج ما عند صاحبه يمتريه كما يمتري الحالب اللبنَ من الضرع، قاله في "اللسان" (٣).

(فِي الْغُسْلِ) تقدّم أنه بفتح الغين، وضمّها، أي في كمّيّة غسل الرأس، بدليل قوله: "فإني أغسل رأسي"، والمراد بالغسل أيضًا غسل الجنابة، بدليل الرواية الآتية من طريق شعبة، عن أبي إسحاق: "ذُكِر عنده الغسلُ من الجنابة" (عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) ظرف متعلّق بـ "تماروا" (فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَمَّا أَنَا، فَإِنِّي أَغْسِلُ رَأسِي كَذَا وَكَذَا) وفي نسخة: "بكذا وكذا"، وهو كناية عن عدد أكثر من الثلاثة، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإني أفيض على رأسي ثلاث أكُفّ" (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَمَّا أَنَا) "أما" في الكلام حرف شرط، وتوكيد دائمًا، وتفصيل غالبًا، وهي بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وقد تُبدَل ميمها الأولى ياء، كقول الشاعر [من الطويل]:

رَأَتْ رَجُلًا أَيْمَا إِذَا الشَّمْسُ عَارَضَتْ … فَيَضْحَى وَأَيْمَا بِالْعَشِيِّ فَيَخْصَرُ

أما كونها حرف شرط، فبدليل لزومها الفاء بعدها، نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ … } [البقرة: ٢٦]، وأما كونها للتأكيد، فلأنها تعطي الكلام فضل توكيد، تقول: زيد


(١) راجع: "الفتح" ١/ ٤٣٧.
(٢) المصدر السابق.
(٣) "لسان العرب" ١٥/ ٢٧٨.