أشار النوويّ رحمه الله، وإن أراد بذلك سائر الجسد - ولا أظنّه يريد إلا هذا - فالظاهر أن ما قاله هو الصواب؛ لأنه لم يُذكر في هذه الأحاديث الصحيحة التثليث إلا في الرأس، وأما سائر الجسد، ففيها الإفاضة فقط، فبأيّ دليل يقال: إن قوله شاذّ متروك؟، فتأملّ بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
٦ - (ومنها): التلطّف في التعليم، حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقل لهم: هذا حرامٌ، أو نحو ذلك، بل أرشدهم إلى ما هو عليه من الهدي؛ ليهتدوا به، فما أكرمه - صلى الله عليه وسلم - من معلّم، وأحسنه من مرشد - صلى الله عليه وسلم -.
٧ - (ومنها): أنه قد يستفاد منه أن الوضوء قبل الغسل غير واجب، حيث لم يذكره - صلى الله عليه وسلم - هنا، لكن يُجاب عنه بأنه إنما ذَكَرَ محلّ التنازع، حيث قال بعضهم: إني أغسل رأسي كذا وكذا مرّةً، وقد تقدّم ترجيح القول بعدم وجوب هذا الوضوء، وإنما هو مستحبّ، بدليله، فلا تكن من الغافلين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الامام أبي الحسين مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال: