وقال الزهريّ: ثنا الحسن، وعبد الله، ابنا محمد، وكان الحسن أرضاهما في أنفسنا، وفي رواية: وكان الحسن أوثقهما، وقال محمد بن إسماعيل الجعفريّ: حدثنا عبد الله بن سلمة بن أسلم، عن أبيه، عن حسن بن محمد، قال: وكان من أوثق الناس عند الناس، وقال سفيان، عن عمرو بن دينار: ما كان الزهريّ إلا من غلمان الحسن بن محمد، وقال ابن حبان: كان من علماء الناس بالاختلاف، وقال سلام بن أبي مطيع، عن أيوب: أنا أتبرأ من الإرجاء، إن أول من تكلم فيه رجل من أهل المدينة، يقال له: الحسن بن محمد، وقال عطاء بن السائب، عن زاذان وميسرة: إنهما دخلا على الحسن بن محمد، فلاماه على الكتاب الذي وَضَعَ في الإرجاء، فقال لزاذان: يا أبا عمرو، لوددت أني كنت مُتّ، ولم أكتبه.
قال الحافظ رحمه الله: المراد بالإرجاء الذي تَكَلَّم الحسن بن محمد فيه، غير الإرجاء الذي يَعِيبه أهل السنة المتعَلِّق بالإيمان، وذلك أني وقفت على كتاب الحسن بن محمد المذكور، أخرجه ابن أبي عمر العَدَنيّ في كتاب الإيمان له في آخره، قال: حدثنا إبراهيم بن عيينة، عن عبد الواحد بن أيمن، قال: كان الحسن بن محمد يأمرني أن أقرأ هذا الكتاب على الناس: أما بعدُ فإنا نوصيكم بتقوى الله، فذكر كلامًا كثيرًا في الموعظة، والوصية لكتاب الله، واتّباع ما فيه، وذكر اعتقاده، ثم قال في آخره: ونوالي أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما -، ونجاهد فيهما؛ لأنهما لم تَقْتَتِل عليهما الأمة، ولم تشك في أمرهما، ونرْجِيء مَن بعدهما ممن دخل في الفتنة، فنَكِل أمرهم إلى الله، إلى آخر الكلام، فمعنى الذي تكلم فيه الحسن أنه كان يَرَى عدم القطع على إحدى الطائفتين المقتتلتين في الفتنة بكونه مخطئًا أو مصيبًا، وكان يرى أنه يُرجئ الأمر فيهما، وأما الإرجاء الذي تَعَلَّق بالإيمان، فلم يُعَرّج عليه، فلا يلحقه بذلك عاب، والله تعالى أعلم. انتهى كلام الحافظ رحمه الله.
قال الجامع عفا الله عنه: لو كان ما قاله الحافظ في إرجاء الحسن بن محمد صحيحًا لكان الأمر هيّنًا، ولكن ما سبق عن أيوب، ومن قصّته مع زاذان في وضع الكتاب، يدلّ على غير هذا، فتأمّل، والله تعالى أعلم.