وأما حديث عليّ - رضي الله عنه - المذكور، فضعيف؛ لأنه من رواية حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، وهو إنما روى عنه بعد اختلاطه، وقد كنت صححته في "شرح النسائيّ" تبعًا للحافظ، لكن تبيّن لي ضعفه؛ لما ذكرته، فتنبّه.
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها -: "انقضي رأسك، وامتشطي. . ." الحديث، رواه مسلم، فإنه في غسل النظافة للإحرام بالحجّ، لا لغسل الطهارة من الحيض؛ لأنها لم تزل في ذلك الوقت من حيضها، وعلى تقدير أنه يشمل الطهارة من الحيض، فيُحمَل على الاستحباب؛ جمعًا بينه وبين هذين الحديثين.
وكذلك حديث أسماء بنت شكل - رضي الله عنها - الآتي، حيث قال لها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤون رأسها. . ." الحديث، فمحمول أيضًا على وجه الكمال، والاستحباب أيضًا، لا على الوجوب؛ جمعًا بين النصوص.
وأما ما أخرجه الطبراني، والدارقطنيّ في "الأفراد"، والضياء المقدسيّ في "المختارة" من حديث أنس - رضي الله عنه - مرفوعًا:"إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها نقضًا، وغسلته بخطميّ وأُشنان، وإن اغتسلت من جنابة صبّت الماء على رأسها صبًّا، وعصرته".
فحديث ضعيف، ولا تغترّ بإخراج الضياء له، فإن له في "المختارة" أحاديث ضعيفة، كما لا يخفى على من له إلمام بهذا الشأن، وقد بيّن الشيخ الألبانيّ رحمه الله ضعف هذا الحديث في "السلسلة الضعيفة" ٢/ ٣٤٢ رقم (٩٣٧).
وخلاصة القول في المسألة أن أرجح الأقوال قول من قال: إن المرأة يكفيها أن تحثي على رأسها ثلاثًا، ولا يجب عليها أن تنقض ضفيرتها، وهذا كله يعمّ الجنابة، والحيضة؛ لزيادة رواية عبد الرزاق الآتية للحيضة، وهي زيادة ثقة غير منافية لرواية غيره، فتُقبل، وأما دعوى ابن القيّم شذوذها فغير مقبول، هذا كلّه في حقّ المرأة.
وأما الرجل فيجب عليه نقض ضفيرته حتى يصل الماء إلى أصول شعره؛ لحديث ثوبان - رضي الله عنه - المتقدّم:"أما الرجل فليَنشُر إلخ"، وهو حديث صحيح، كما سبق آنفًا.
فقد بيّن الفرق بين الرجل والمرأة، فأوجب عليه النقض دونها.