للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإدبارها إدبار ما هو بصفة الحيض، وإن كانت معتادةً رُدّت إلى العادة، فإقبالها وجود الدم في أول أيام العادة، وإدبارها انقضاء أيام العادة.

وقد ورد في حديث فاطمة ما يقتضي الردّ إلى التمييز، وقالوا: إن حديثها في المميّزة، وحمل قوله: "فإذا أقبلت الحيضة" على الحيضة المألوفة، قال: وأقوى الروايات في الردّ إلى التمييز الرواية التي فيها: "دمُ الحيض أسود يُعْرَفُ، فإذا كان ذلك، فأمسكي عن الصلاة"، وأما الردّ إلى العادة، ففي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها". انتهى (١).

١٤ - (ومنها): ما قاله ابن الملقّن رحمه الله: فيه دليل على الردّ إلى العادة؛ لأن الحديث يدلّ بلفظه على أن هذه المرأة كانت معتادةً؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "قدر الأيام"، وهو يقتضي أنه كان لها أيام تحيض فيها، وليس فيه أنها كانت مميّزة، أو غير مميّزة، فإن ثبت ما يدلّ على التمييز فذاك، وإلا رُدّت إلى العادة، والتمسّك به يدلّ على أن ترك الاستفصال في قضايا الأحوال مع قيام الاحتمال، يُنزّل منزلة العموم في المقال، ويجوز أن يكون عَلِم الواقعة في التمييز أو عدمه، وأجاب على ما عَلِم. انتهى (٢).

١٥ - (ومنها): ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - من الرجوع فيما يحدُث لهم من الأمور كلّها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والسؤال عن الأحكام، وجوابه - صلى الله عليه وسلم - عنها.

[تنبيه]: قد استنبط من هذا الحديث الرازي الحنفيّ أن مدة أقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة؛ لقوله: "قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها"؛ لأن أقل ما يُطلق عليه لفظ "أيام" ثلاثة، وأكثره عشرة، فأما ما دون الثلاثة، فإنما يقال له: يومان، ويوم، وأما ما فوق عشرة، فإنما يقال: أحد عشر يومًا، وهكذا إلى عشرين، قال الحافظ رحمه الله: وفي الاستدلال بذلك نظر، ذكره في "الفتح" (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسأل الرابعة): في بيان اختلاف الأخبار الواردة في المستحاضة التي استمرّ بها الدم، واختلاف أهل العلم في أمرها:


(١) راجع: "الإعلام" ٢/ ١٨٩ - ١٩٠.
(٢) "الإعلام" ٢/ ١٨٦.
(٣) "الفتح" ١/ ٤٨٨.