للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١١ - (ومنها): ترك الحائض الصلاة، وهو إجماع لم يُخالف فيه إلا الخوارج.

قال الجامع عفا الله عنه: أما ما نُقل من بعض السلف من أنه يُستحبّ للحائض إذا دخل وقت الصلاة أن تتوضّأ، وتستقبل القبلة، وتذكر الله تعالى، فمن البدع المنكرة، ومن الغلوّ الممنوع؛ لأن الله تعالى أكمل دينه، وأتمّه بموت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فلو كان خيرًا وحسنًا لما تركه، فإن النساء كنّ يحضن في زمان نزول الوحي، فهل سُمع بأنهنّ، أو بعضهنّ كنّ يفعلن هكذا؟ كلا والله، ثم كلًّا، بل هذا هو التنطّع والغلوّ في الدين، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين" (١)، فتبصر، ولا تكن من الغافلين، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

١٢ - (ومنها): بيان أن المرأة إذا مَيَّزت دم الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض، وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقضى قَدْرُه اغتَسَلت عنه، ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث، فتتوضأ لكل صلاة، لكنها لا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة، مؤداةً أو مقضيةً؛ لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثم توضئي لكل صلاة"، وبهذا قال الجمهور، وعند الحنفية أن الوضوء متعلِّق بوقت الصلاة، فلها أن تصلي به الفريضة الحاضرة، وما شاءت من الفوائت ما لم يخرج وقت الحاضرة، وعلى قولهم المراد بقوله: "وتوضئي لكل صلاة"، أي لوقت كل صلاة، ففيه دعوى مجاز الحذف، ويحتاج إلى دليل، وعند المالكية يستحب لها الوضوء لكل صلاة، ولا يجب إلا بحَدَث آخر، وقال أحمد، وإسحاق: إن اغتسلت لكل فرض فهو أحوط، وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا - إن شاء الله تعالى -.

١٣ - (ومنها): ما قاله الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا أقبلت الحيضة" تعليقُ الحكم بالإقبال والإدبار، فلا بدّ أن يكون معلومًا لها بعلامة تعرفها، فإن كانت مميّزةً رُدّت إلى التمييز، فإقبالها بُدُوّ الدم الأسود،


(١) حديث صحيح، أخرجه ابن ماجه في: "سننه" برقم (٣٠٢٩).