و (أبو عوانة) في "مسنده"(٩٣٠ و ٩٣١ و ٩٣٢ و ٩٣٣ و ٩٣٥ و ٩٣٦)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٧٤٩ و ٧٥٠ و ٧٥١ و ٧٥٢ و ٧٥٣ و ٧٥٤ و ٧٥٥)، والله تعالى أعلم.
وفوائد الحديث تقدّمت في الحديث الماضي، فراجعها تستفد، والله تعالى وليّ التوفيق.
(المسألة الثالثة): في اختلاف العلماء في أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أم حبيبة - رضي الله عنها - بالاغتسال لكلّ صلاة:
(اعلم): أنهم اختلفوا فيه، فقد ذكر المصنّف عن الليث بن سعد أنه شيء فعلته هي، وقال النووي في "شرح المهذّب": لم يصحّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه أمرها بالغسل إلا مرّة واحدة عند انقطاع الحيض. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: لم يصحّ إلخ فيه نظر، بل صحّ وثبت من حديث الزهريّ، من رواية سليمان بن كثير، وابن إسحاق، عنه، ومن رواية ابن أبي كثير، عن أبي سلمة، ومن رواية يزيد بن الهاد، عن أبي بكر بن محمد، عن عمرة، كما سيأتي بيانه قريبًا، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم.
ثم ذكر النوويّ عن الشافعيّ أنه قال: إنما أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل، وتصلي، وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، قال: ولا أشكّ أن غسلها كان تطوّعًا غير ما أُمرت به، وذلك واسع لها. انتهى (١).
وممن تصدّى لتضعيف رواية الأمر بالغسل لكل صلاة البيهقيّ في "سننه"، لكن ردّ عليه العلّامة المحقّق ابن التركمانيّ، فأجاد، وأفاد، ودونك حوارهما: أخرج البيهقيّ رحمه الله بسنده عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن أبي بكر بن محمد، عن عمرة، عن عائشة، أن أم حبيبة استُحيضت، فذكرت للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فقال:"إنها ليست بحيضة، ولكنها رَكْضة من الرحم، فلتنظر قدر أقرائها التي كانت تحيض، فتترك الصلاة، ثم تغتسل عند كل صلاة، وتصلي".
قال البيهقيّ: قال بعض مشايخنا: خبر ابن الهاد غير محفوظ.