للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فردّ ذلك ابن التركمانيّ رحمه الله بقوله: إن أراد غير محفوظ عنه، فليس كذلك، فإن البيهقيّ أخرجه من طريق ابن أبي حازم عنه، وأخرجه النسائيّ من طريق بكر بن مضر عنه، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه" من طريق عبد العزيز الدّرَاوَرْديّ عنه، فهؤلاء ثلاثة رووه عنه.

وإن أراد أنه غير محفوظ منه، فليس كذلك أيضًا؛ لأن ابن الهاد من الثقات المحتجّ بهم في "الصحيح".

ثم أسند البيهقيّ من طريق أبي داود بسنده عن ابن إسحاق، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة، أن أم حبيبة بنت جحش: "استحيضت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرها بالغسل لكل صلاة"، ثم قال البيهقيّ: رواية ابن إسحاق عن الزهريّ غلط؛ لمخالفتها سائر الرواة عن الزهريّ.

فردّه ابن التركمانيّ بقوله: المخالفة على وجهين: مخالفة ترك، ومخالفة تعارض وتناقض، فإن أراد مخالفة الترك والتناقض، فلا تناقض في ذلك، وإن أراد مخالفة التعارض فليس كذلك؛ إذ الأكثر فيه السكوت عن أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لها بالغسل عند كلّ صلاة، وفي بعضها أنها فعلته هي، وقد تابع ابن إسحاق سليمانُ بن كثير، كما ذكره البيهقيّ قريبًا، وخبر ابن الهاد المتقدّم شاهد لذلك.

ثم قال البيهقيّ: وكيف يكون الأمر بالغسل عند كلّ صلاة ثابتًا من حديث عروة؟ وقد أخبرنا أبو أحمد، فذكر بسنده عن عروة قال: ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل غُسلًا واحدًا، ثم تتوضّأ بعد ذلك للصلاة، وأسند عن عائشة نحوه.

قال ابن التركمانيّ: كأنه ضعّف الأمر بالغسل لكلّ صلاة بمخالفة فتوى عروة وعائشة له، وقد عُرف من مذهب المحدّثين أن العبرة لما رَوَى الراوي، لا لرأيه.

ثم ذكر البيهقيّ من طريق الحسين المعلّم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي مسلم، أخبرتني زينب بنت أبي سلمة أن امرأةً كانت تُهراق الدم، وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف، فأمرها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل عند كلّ صلاة، ثم قال: خالفه هشام الدستوائيّ، فأرسله، ثم ذكر من جهة هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، أن أم حبيبة سألت … إلخ.