قال الجامع: هذا أشدّ وأخطر مما قبله، فهل عِلْمُ مقدار الثواب، وتمييز أحسن الثواب من حسنه من تخصّصات صاحب "الدراية"؟، {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}[النور: ١٦]، {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[النمل: ٦٤].
وبالجملة فمن قرأ كتب الفقهاء المتأخرين يَرَى العَجَب الْعُجَاب من هذا النوع، مما يتجاسرون فيه بإيحاب أشياء، أو تحريمها، أو استحبابها، أو نحو ذلك، دون أيّ حجة، وأيّ برهان، بل بما يجول في خَلَدهم من الظنون الخالية عن البراهين الساطعة، وربما يكون ذلك مضادًّا لما ثبت بالنص الصريح، وذلك نتيجة قصور علمهم، وقلّة ورعهم، وما أحسن قول ابن عابدين في "رسم المفتي":
والحاصل أن الحقّ هو ما عليه جمهور أهل العلم من أنه لا تجب على الحائض الصلاة، لا أداؤها، ولا قضاؤها، ولا يُشرع لها أن تتشبه بمن تصلي، كما افتات هؤلاء الذين سمعت هذياناتهم، بل الواجب عليها الابتعاد من كلّ ابتداع ما أنزل الله به من سلطان، وإنما الواجب عليها قضاء الصوم فقط، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج رَحِمَهُ اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال: