وعرضه ثمانية أشبار؛ لأن الذراع أنثى، ولهذا حُذفت العلامة معها، والشبر مذكّرٌ، وإذا أُضيفت الثمانية إلى مؤنّث ثبتت الياء ثبوتها في القاضي، وأُعربت إعراب المنقوص، تقول: جاء ثماني نسوة، ورأيتُ ثمانيَ نسوة، تُظهر الفتحة، وإذا لم تُضِفْ قلت: عندي من النساء ثمانٍ، ومررتُ منهنّ بثمانٍ، ورأيتُ ثماني، وإذا وقعت في المركّب تخيَّرتَ بين سكون الياء وفتحها، والفتح أفصح، يقال: عندي من النساء ثَمَانِيَ عشرةَ امرأة، وتُحذف الياء في لغة بشرط فتح النون، فإن كان المعدود مذكّرًا قلتَ: عندي ثمانية عشر رجلًا بإثبات الياء. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق أن ما وقع في معظم نسخ "صحيح مسلم"، كالنسخة التي شرحها النووي، ونسخة محمد ذهني، بلفظ "ثمانَ ركعات" خلاف الصواب، فالصواب ما وقع في نسخة شرح الأبيّ، وقد أشار إليها محمد ذهني في هامش نسخته، وفي هامش النسخة الهنديّة أيضًا، بلفظ:"ثمانِيَ ركعات" بإثبات الياء، فتنبّه، ولا تكن من الغافلين، والله تعالى أعلم.
وقوله:(سُبْحَةَ الضُّحَى) بضم السين المهملة، وإسكان الباء الموحّدة: هي النافلة، سُمّيت بذلك للتسبيح الذي فيها.
قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: هذا اللفظ فيه فائدةٌ لطيفةٌ، وهي أن صلاة الضحى ثماني ركعات، وموضع الدلالة كونها قالت:"سُبْحَة الضُّحى"، وهذا تصريح بأن هذا سنةٌ مقررةٌ معروفةٌ، وصلّاها بنيّة الضحى، بخلاف الرواية الأخرى:"صَلَّى ثماني ركعات، وذلك ضحى"، فإن من الناس من يَتَوَهَّم منه خلاف الصواب، فيقول: ليس في هذا دليل على أن الضحى ثماني ركعات، ويزعم أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى في هذا الوقت ثماني ركعات بسبب فتح مكة، لا لكونها الضحى، فهذا الْخَيَال الذي يتعلق به هذا القائل في هذا اللفظ، لا يتأتى له في قولها:"سُبْحة الضُّحى"، ولم يزل الناس قديمًا وحديثًا يحتجون بهذا الحديث على إثبات صلاة الضُّحَى ثماني ركعات. انتهى كلام النوويّ رَحِمَهُ اللهُ، وهو تحقيقٌ