للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيه إلا أن الأرجح أنه صحيح، كما سيأتي في محلّه - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في بيان اختلاف الروايات في حديث أم هانئ - رضي الله عنها - هذا:

(اعلم): أنه وقع اختلاف في محلّ اغتساله - صلى الله عليه وسلم -، وصلاته، وفيمن ستره، وفي عدد صلاته، هل هي ثمان، أم ركعتان.

ففي رواية: اغتسل في بيتها"، وهي رواية صحيحة، أخرجها أبو داود، وفي رواية: "أنها ذهبت إلى بيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو بأعلى مكة، فوجدته يغتسل"، وهي رواية المصنّف هنا، ومالك في "الموطّا وفي رواية: أن فاطمة سترته"، وهي رواية الشيخين، وغيرهما، وفي رواية أن أبا ذرّ - رضي الله عنه - هو الذي ستره، وهي رواية عند ابن خزيمة، والجواب عن هذه الاختلافات أن يقال:

أما الاختلاف في المحلّ فَيُحمل على أنه نزل في بيت أم هانئ بأعلى مكة، وكانت هي في بيت آخر، فجاءت فوجدته يغتسل، أو يُحمَل على أن ذلك تكرّر منه - صلى الله عليه وسلم -، ويؤيّده ما رواه ابن خزيمة عنها أن أبا ذرّ ستره لَمّا اغتسل، أفاده في "المنهل العذب" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الاحتمال الثاني فيه بُعدٌ لا يخفى، وأما قوله: يؤيّده ما رواه ابن خزيمة، ففيه أن هذه الرواية ضعيفة؛ لأن في سندها المطّلب بن عبد الله بن حنطب كثير التدليس، وقد عنعنه، فلا يصلح للتقوية، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وأما الاختلاف فيمن ستره، فيجاب بأن أحدهما ستره في ابتداء الغسل، والآخر ستره في أثنائه، أفاده في "الفتح".

قال الجامع عفا الله عنه: قد عرفت أن حديث ستر أبي ذرّ - رضي الله عنه - لا يصحّ، فلا يعارض ما في "الصحيح" من أن فاطمة - رضي الله عنها - هي التي سترته، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

وأما الاختلاف في عدد الصلاة، ففي رواية أم هانئ أنه صلى ثماني


(١) راجع: "المنهل العذب المورود في شرح سنن أبي داود" ٧/ ١٩٥.