للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يصلي في ثوب واحد، ولا بُدّ من ذلك إن كان ضيقًا اتَّزَرَ به، وإن كان واسعًا التحف به، كما أنه لو صلى وحده في بيت، كان عليه تغطية ذلك باتّفاق العلماء.

وأما صلاة الرجل بادي الفخذين، مع القدرة على الإزار، فهذا لا يجوز، ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف، ومن بَنَى ذلك على الروايتين في العورة، كما فعله طائفة، فقد غَلِطُوا، ولم يقل أحمد ولا غيره: إن المصلي يصلي على هذه الحال، كيف وأحمد يأمره بستر المنكبين، فكيف يبيح له كشفَ الفخذ؟، فهذا هذا.

وقد اختُلِف في وجوب ستر العورة، إذا كان الرجل خاليًا، ولم يُختَلَف في أنه في الصلاة لا بدّ من اللباس، لا تجوز الصلاة عريانًا مع قدرته على اللباس باتّفاق العلماء، ولهذا جوَّز أحمد وغيره للعُرَاة أن يصلوا قعودًا، ويكون إمامهم وسطهم، بخلاف خارج الصلاة، وهذه الحرمة لا لأجل النظر، وقد قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، لَمّا قال: قلت: يا رسول الله، فإذا كان أحدنا خاليًا؟ قال: "فالله أحق أن يُستحيى منه من الناس" (١)، فإذا كان هذا خارج الصلاة، فهو في الصلاة أحقّ أن يُستَحْيى منه، فتؤخذ الزينة لمناجاته، ولهذا قال ابن عمر - رضي الله عنهما - لغلامه نافع لَمّا رآه يُصلي حاسرًا: أرأيت لو خرجت إلى الناس، كنت تخرج هكذا؟ قال: لا، قال: فالله أحقّ مَن يُتَجَمَّل له، وفي الحديث الصحيح لَمّا قيل له - صلى الله عليه وسلم -: الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنةً؟، فقال: "إن الله جَمِيلٌ يحب الجمال" (٢).

وهذا كما أمر المصلي بالطهارة والنظافة، والطيب، فقد أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن تتخذ المساجد في البيوت، وتُنَظَّف، وتُطَيَّب (٣).

وعلى هذا فيستتر في الصلاة أبلغ مما يستتر الرجل من الرجل، والمرأة


(١) تقدّم أنه حديث حسنٌ.
(٢) أخرجه مسلم، وقد تقدّم في: "كتاب الإيمان".
(٣) حديث صحيح، أخرجه أبو داود في: "سننه" (٤٥٥)، وابن ماجه في: "سننه" (٧٥٨).