جمهور العلماء، كأبي حنيفة، والشافعيّ، وغيرهما، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، فكذلك القدم يجوز إبداؤه عند أبي حنيفة، وهو الأقوى، فإن عائشة جعلته من الزينة الظاهرة، قالت:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}[النور: ٣١].
قالت: الْفَتَخَ، حِلَق من فضة تكون في أصابع الرجلين، رواه ابن أبي حاتم.
فهذا دليلٌ على أن النساء كنّ يُظهرن أقدامهن أوّلًا كما يُظهرن الوجه واليدين، كنّ يُرخين ذيولهن، فهي إذا مشت قد يظهر قدمها، ولم يكن يمشين في خِفَاف وأحذية، وتغطية هذا في الصلاة فيه حرج عظيمٌ، وأم سلمة قالت:"تصلي المرأة في ثوب سابغ، يغطِّي ظهر قدميها"، فهي إذا سجدت قد يبدو باطن القدم.
وبالجملة قد ثبت بالنصّ والإجماع أنه ليس عليها في الصلاة أن تَلْبس الجلباب الذي يسترها إذا كانت في بيتها، وإنما ذلك إذا خَرَجت، وحينئذ فتصلي في بيتها، وإن رؤي وجهها ويداها وقدماها، كما كنّ يمشين أوّلًا قبل الأمر بإدناء الجلابيب عليهنّ، فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر، لا طردًا ولا عكسًا.
وابن مسعود - رضي الله عنه - لَمّا قال: الزينة الظاهرة هي الثياب، لم يقل: إنها كلَّها عورة حتى ظفرها، بل هذا قول أحمد، يعني أنها تشترط في الصلاة، فإن الفقهاء يُسَمُّون ذلك "باب ستر العورة"، وليس هذا من ألفاظ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا في الكتاب والسنة أن ما يستره المصلي فهو عورة، بل قال تعالى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف: ٣١]، ونَهَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يطوف بالبيت عريانٌ، فالصلاة أولى، وسئل عن الصلاة في الثوب الواحد؟ فقال:"أوَ لكلكم ثوبان؟ "، وقال في الثوب الواحد:"إن كان واسعًا فالتحف به، وإن كان ضَيِّقًا، فاتزر به"، ونَهَى أن يصلي الرجل في ثوب واحد، ليس على عاتقه منه شيء.
فهذا دليلٌ على أنه يؤمر في الصلاة بستر العورة: الفخذ، وغيره، وإن جوَّزنا للرجل النظر إلى ذلك، فإذا قلنا على أحد القولين، وهو إحدى الروايتين عن أحمد: إن العورة هي السوأتان، وإن الفخذ ليست بعورة، فهذا في جواز نظر الرجل إليها، ليس هو في الصلاة والطواف، فلا يجوز أن يصلي الرجل مكشوف الفخذين، سواء قيل: هما عورة أو لا، ولا يطوف عريانًا، بل عليه