للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو ما ملكت يمينك قلت: يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: "إن استطعتَ أن لا يراها أحدٌ فلا يراها قال: قلت: يا نبيّ الله إذا كان أحدُنا خاليًا؟ قال: "فالله أحق أن يستحيى منه" (١).

ونَهَى أدت يُفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، والمرأة إلى المرأة في ثوب واحد، وقال عن الأولاد: "مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفَرِّقوا بينهم في المضاجع"، فنَهَى عن النظر واللمس لعورة النظير؛ لما في ذلك من القبح والفحش.

وأما الرجال مع النساء، فلأجل شهوة النكاح، فهذان نوعان، وفي الصلاة نوع ثالث، فإن المرأة لو صَلَّت وحدها كانت مأمورة بالاختمار، وفي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها، فأخذ الزينة في الصلاة لحق الله، فليس لأحد أن يطوف بالبيت عريانًا، ولو كان وحده بالليل، ولا يصلي عريانًا، ولو كان وحده، فعُلِم أن أخذ الزينة في الصلاة لم يكن ليحتجب عن الناس، فهذا نوع، وهذا نوع.

وحينئذ فقد يستر المصلي في الصلاة ما يجوز إبداؤه في غير الصلاة، وقد يبدي في الصلاة ما يستره عن الرجال.

فالأول مثل المنكبين، فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن يصلي الرجل في الثوب الواحد، ليس على عاتقه منه شيء، فهذا لحقّ الصلاة، ويجوز له كشف منكبيه للرجال خارج الصلاة، وكذلك المرأة الحرّة تختمر في الصلاة، كما قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" (٢)، وهي لا تختمر عند زوجها، ولا عند ذوي محارمها، فقد جاز لها إبداء الزينة الباطنة لهؤلاء، ولا يجوز لها في الصلاة أن تَكشِف رأسها لهؤلاء، ولا لغيرهم، وعكس ذلك الوجه واليدان والقدمان، ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين، بخلاف ما كان قبل النسخ، بل لا تبدي إلا الثياب، وأما ستر ذلك في الصلاة، فلا يجب باتفاق المسلمين، بل يجوز لها إبداؤهما في الصلاة عند


(١) حديث حسن، أخرجه الترمذيّ برقم (٢٧٩٤)، وابن ماجه (١٩٢٠).
(٢) حديث صحيح، أخرجه أبو داود في: "سننه" ١/ ١٧٣.