للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للمفعول، أي حتى نظرت إليه بنو إسرائيل عريانًا، ورأوا سوأته، والمراد أن الحجر لَمْ يكتف برؤيتهم لموسى - عَلَيهِ السَّلَام -، وهو يجري، بل أوقفه الله تعالى عندهم؛ ليتأكّدوا من براءته مما آذوه به، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) الضمير للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يكون لأبي هريرة - رضي الله عنه -، كما سبق آنفًا (فَأَخَذَ) موسى - عَلَيهِ السَّلَام - (ثَوْبَهُ) زاد عند البخاريّ: "فلبسه" (فَطَفَقَ) - بكسر الفاء، وفتحها - لغتان، ومعناه جَعَلَ، وأقبل، وصار ملتزمًا لذلك، قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

[تنبيه]: "طَفِقَ" من أفعال المقاربة التي تدخل على المبتدأ، فترفعه، والخبر فتنصبه، وتُسمّى أفعال الشروع، وقد ذكرها ابنُ مالك - رَحِمَهُ اللهُ - في "الخلاصة" حيث قال:

....................... … وَتَرْكُ "أَنْ" مَعْ ذِي الشُّرُوعِ وَجَبَا

كَـ "أَنْشَأَ السَّائِقُ يَحْدُو" وَطَفَقْ … كَذَا "جَعَلْتُ" وَ"أَخَذْتُ" وَ"عَلِقْ"

[تنبيهٌ آخر]: أفعال المقاربة ثلاثة أنواع:

(الأول): ما وُضع للدلالة على قرب الخبر، وهو ثلاثة: "كاد"، و"كَرِب"، و"أوشك".

(الثاني): ما وُضع للدلالة على رجائه، وهو ثلاثة: "عسى"، و"اخْلَوْلَق"، و"حَرَى".

(الثالث): ما وُضع للدلالة على الشروع فيه، وهو كثير، ومنه طَفِقَ، وهذه كلها ملازمة لصيغة الماضي، إلَّا أربعة، فاستُعْمِل لها مضارع، وهي "كاد"، و"أوشك"، و"طَفَقَ"، و"جَعَل"، واستُعمِل مصدر لاثنين، وهما "طفق"، و"كاد"، وحَكَى الأخفش طُفُوقًا عمن قال: طَفَقَ بالفتح، وطَفَقًا عمن قال: طَفِقَ بالكسر، أفاده في "العمدة" (٢).

وقوله: (بِالْحَجَرِ) الباء فيه زائدة، و"الحجر" منصوب بقوله: (ضَرْبًا") لأنه نائب مناب يضرب، وقيل: هو منصوب بالفعل المقدّر، والجملة خبر "طَفَقَ".

وفي رواية للبخاريّ من الطريق المذكورة: "وطَفِقَ بالحجر ضربًا بعصاه".


(١) شرح النوويّ" ٤/ ٣٣.
(٢) "عمدة القاري" ٣/ ٣٤٢.