للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كلهم عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، حدثني أبي العباسُ بن عبد المطلب، قال: "لما بَنَتْ قريشٌ الكعبة، انفرَدنا رجلين رجلين، ينقلون الحجارة، فكنت أنا وابن أخي، فجعلنا نأخذ أُزُرنا، فنضعها على مناكبنا، ونجعل عليها الحجارة، فإذا دنونا من الناس لَبِسنا أُزُرنا، فبينما هو أمامي، إذ صُرع، فسعيت، وهو شاخص ببصره إلى السماء، قال: فقلت لابن أخي: ما شأنك؟ قال: نُهِيت أن أمشي عريانًا، قال: فكتمته حتى أظهر الله نبوته"، تابعه الحكم بن أبان، عن عكرمة، أخرجه أبو نعيم أيضًا.

ورُوِيَ ذلك أيضًا من طريق النضر أبي عمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، ليس فيه العباس، وقال في آخره: "فكان أوّل شيء رأى من النبوة"، والنضر ضعيف، وقد خَبَط في إسناده، وفي متنه، فإنه جَعَل القصة في معالجة زمزم بأمر أبي طالب، وهو غلام.

وكذا رَوَى ابن إسحاق في "السيرة" عن أبيه، عمن حدَّثه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إني لمع غلمان هم أسناني، قد جعلنا أُزُرنا على أعناقنا لحجارة ننقلها، إذ لَكَمني لاكم لَكْمةً شديدةً، ثم قال: اشدُد عليك إزارك".

قال الحافظ: فكأنّ هذه قصة أخرى، واغتَرّ بذلك الأزرقيّ، فَحَكَى قولًا: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا بُنِيت الكعبةُ كان غلامًا"، ولعل عمدته في ذلك ما سيأتي (١) عن معمر، عن الزهريّ. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

[تنبيه آخر يتعلّق ببناء الكعبة]: أخرج عبد الرزاق، ومن طريقه الحاكم، والطبرانيّ من حديث أبي الطفيل قال: "كانت الكعبة في الجاهلية مبنية بالرَّضْم (٣)، ليسس فيها مَدَرٌ، وكانت قدر ما يقتحمها الْعَنَاق، وكانت ثيابها توضع عليها تُسْدَل سَدْلًا، وكانت ذات ركنين، كهيئة الحلقة، فأقبلت سفينة من الروم، حتى إذا كانوا قريبًا من جُدّة انكسرت، فخرجت قريش لتأخذ خشبها،


(١) أي: في التنبيه التالي.
(٢) "الفتح" ٣/ ٥١٦ - ٥١٧ "كتاب الحج " رقم (١٥٨٦).
(٣) "الرَّضْمُ" بفتح، فسكون، ويُحرّك، وككتاب: صُخُور عِظامٌ، يُرضم بعضها فوق بعض في الأبنية، قاله في: "القاموس المحيط" ٤/ ١٢٠.